الدليل الرابع: أنَّ هذه الفعلة شنيعةٌ جدًا، ولا يمكن التحرز منها، وفيها مفسدة عظيمة للمجتمع = فكان الرادع لمثل هذه الفعلة خاضع للسياسية الشرعية وما يراه ولي الأمر رادعًا وزاجرًا عن ارتكابها، فزجر وردع الناس – عند عدم النص على العقوبة – عائد إلى ولي الأمر؛ فإن رأى أن زجر الناس عن ارتكاب هذه الجريمة يكون بما دون القتل فعل ذلك، وإن رأى تمادي الناس في الوقوع فيها ولا يتم الارتداع إلا بالقتل فعل؛ وهذا أقرب إلى المقاصد الشرعية في باب الحدود والتعازير.
يرد عليه:
ما سبق الإشارة إليه من ورود النص بقتل من يعمل عمل قوم لوط، أو قياسه على الزاني ... وقد سبق الرد على هذا الكلام.
الدليل الخامس: أنَّ الناظر إلى اختلاف السلف من الصحابة والتابعين فمن بعدهم يتضح له أنَّ العقوبة خاضعة للمصلحة الشرعية، وهي التعزير، لأنَّ التعزير هو الذي يحتمل الاختلاف في القدر والصفة لا الحد.
يرد عليه:
أنَّ اختلاف الصحابة إنما كان في صفة القتل لا في القتل، لاتفاقهم على القتل؛ أما صفته فلم يرد فيه نصٌّ معيَّن؛ كالاختلاف الوارد في الخمر.
يجاب عنه:
أنه لم يثبت اتفاقهم على القتل، حيث إنَّ النزاع بينهم قائمٌ؛ كما في ملحق الأحاديث والآثار الواردة في عقوبة من يعمل عمل قوم لوط.
يرد عليه:
أنَّه لم يثبت مخالف من الصحابة للصحابة القائلين بالقتل.
الدليل السادس: أنَّ الإتيان في القبل يسمى (زنا)، والإتيان في الدبر يسمى (لواطًا)؛ فاختلاف المسميات يدل على اختلاف المعاني في الأصل مما ينبني عليه المغايرة في حكم كلٍّ منهما؛ ولا يسمى من عَمِلَ عَمَلَ قوم لوط زانيًا لا لغةً وشرعًا ولا عُرْفًا؛ فلا يدخل في النصوص الدالة على حَدِّ الزانيين.
يرد عليه:
1 – أننا نتفق معكم على المغايرة بينهما؛ لكن نختلف معكم في كونها تعزيرًا حسب ما يراه ولي الأمر؛ بل حكمه القتل مطلقًا.
يجاب عنه:
بما سبقت به الإجابة على استدلال أصحاب القول الأول فيما يتعلق بالأحاديث وإجماع الصحابة والقياس.
2 – قال الشيخ بكر أبو زيد – رحمه الله – في الحدود والتعزيرات (188): على أنَّ نفي تسمية اللواط (زنا) يحتاج إلى مدرك تام بالاستقراء والتتبع للغة العرب.
ولو كان القياس جائزًا لأمكن القول بأنه قد ثبت في اللغة تسمية ما هو دون الزنا زنًا؛ كتسمية النظر المُحَرَّم (زنا العين) وهكذا؛ فيكون تسمية اللواط زنًا من باب قياس الأولى، لكن القياس في اللغة ممتنع، والله أعلم.
يرد عليه:
ما تَمَّ نقله عن طرح التثريب (8/ 19) من كون تسمية هذه الأفعال زنًا من باب المجاز.
الدليل السابع: أنَّ الزنا أعظم من عمل قوم لوط لما يسببه من اختلاط الأنساب، وليس الأمر كذلك في عمل قوم لوط.
يرد عليه:
1 – أنَّ هذا ليس مسلمًا لكم؛ بل الصواب ما قاله السفاريني في قرع السياط (ص 427): إنْ نظرنا لذاتيهما – أي: الزنا وعمل قوم لوط – فاللواطة أقبح وأعظم من الزنا، وإن نظرنا لما يترتب عليهما من المفاسد؛ فالزنا أقبح وأشد.
2 – أنَّ عِظَمَ الإثم لا يلزم منه تغيير الحدود الشرعية؛ فمن زنا بحليلة جاره في المسجد الحرام في نهار رمضان أمام أنظار الناس لا يستوي مع من زنا بأجنبيةٍ عنه في مكانٍ خالٍ ناءٍ وليس في زمان ولا مكان مُعَظَّم = ومع ذلك فَحَدُّهما واحد.
الدليل الثامن: أنَّ العقوبة تُشرع دائمًا لما يغلب وجوده، والزنا هو الغالب لما في الرجل من الشهوة المركبة فيه الداعية إليه بخلاف اللواط.
يرد عليه:
يلزم على قولكم: أنه يصح أن لا يعاقب من يعمل قوم لوط، لأنَّ الغالب في الرجال عدم الميل إلى أمثالهم.
القول الرابع: يقتل المفعول به، وأما الفاعل فيعامل معاملة الزاني، وهو قول أبي جعفر محمد بن علي بن يوسف – أحد فقهاء الشافعية – [33] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn33) .
¥