وأنت في صلاتك خاشعا متوجه الى ربك في سكون حاضر بعقلك الواعي مع ربك متفكر في عظمته وجلاله وحسن تدبيره متوجه اليه في همة، فالمؤمن ذو همة عالية وهو احساس لطيف من التوقظ والعلو والعزم على الاخلاص والطاعة لله عز وجل دون ملل أو ضجر.
وكما قلت فأنت حاضر مع ربك بعقل واع متدبر تؤدي حركاتك وسكناتك بكل حضور وخشوع في سكينة وطمأنينة خلعت الدنيا ومشاغلك من قلبك، فحضورك أصبح مع ربك فقط دون غيره، لا تتعجل وخذ وقتا كافيا ومكانا هادئا لا ضجر فيه من مضاجر الحياة وخذ وقتا تعم فيه السكينة ليلا وأنت تؤدي صلاتك نافلة.
ولا تنسى هذه الحقائق أخي المؤمن فلو تأملنا أعماق النفس البشرية وما خلصت اليه دراسات حديثة وبناءا على علمية متقصية لا تتنافى مع جوهر الانسان وطبيعته المخلوقة بعناية ربانية، فالعقل الواعي هو جزء من الشعور الذي يشكل جزءا واحدا من تسعة أجزاء من اللا شعور أو العقل الباطن، والعقل الباطن اخوة الايمان مزيج من الذكريات والمخزونات الشعورية التي مرت عليك بحلوها ومرها في حياتك والأحلام والذكريات وكل الصور التي مرت عليك في حياتك وهذا المخزون هو هائل مقارنة مع وعيك وشعورك وحضورك.
والمؤمن هو الذي شحذ هذا المخزون بذكريات جميلة وأحاسيس فياضة عشتها في ذكرك ودعائك ومناجاتك لربك بعقل واع حاضر، وهذا المخزون الهائل له تأثير عميق في حياتك وسره يظهر في وجهك فيشع نورا، وهذا من عناية الله تعالى وفضله ورحمته بعباده فما عليك الا المجاهدة بتباث وعزم وهمة ويقين لترسخ في توجهاتك القلبية فينتقل اليك احساس بالحب ولذة العبادة، ولا تستهن بهذه الكلمات وعليك أن تحاسب نفسك في خلوتك وعلى جنبك مستشعرا تقصيرك في عبادتك لله عز وجل والعزم علىالاستقامة و الطاعة الخالصة لوجه الله تعالى ويجب أن تنظر الى عباد الله بحب وشفقة ورحمة وتصبر نفسك على معاني الحق، فذلك له عظيم الأثر وسيقلب حياتك رأسا على عقب، فالمقصود الأعظم هو الله تعالى بكماله وجماله وجلاله، فتقوى الله والحياء منه يملأ قلبك هيبة ونورا، والله تعالى هو الهادي الى خير السبل والفلاح.
لقد سعت مدارس علم النفس الحديث في الغرب
أن تفسد تلك الحقائق الجلية المنبعثة من أعماق الانسان
بسموها الرفيع والخلقة الربانية وأسرارها الحكيمة
وهذا يرفع من قدر الانسان الذي حمل على عاتقه
الأمانة في الأرض.
فهناك حقيقة جلية تبرهن على أن العبد المؤمن عليه
أن يستسيغ المعني المتضمن في الذكر والدعاء
فهو ليس مجرد كلام عابر يمر عليه المرء مر الكرام
بل عليه أن يستوعبه استيعابا حقيقيا يؤثر في قلبه وأعماق نفسه
المطبوعة بالهوى
أو بصيغة أخرى علينا أن
نفقه بعمق دلالات أقوالنا
وكمثال عميق: فعندما ندعو ربنا بمأثور الدعاء
ولقد اخترت ما يلي:
اللهم عليك معولي وبك ملاذي واليك التجائي وعليك توكلي وبك ثقتي وعلى حولك وقوتك اعتمادي
فالدوام على هذا الدعاء والتدبر العميق لمعانيه يجب أن يؤثر في النفس لتتجاوب معه لأن هذه الكلمات ليس مجرد ألفاظ
عابرة بل تتضمن روحا أوجوهرا متميزا أو بعبارة أخرى لصيقة بذاكرتنا الاسلامية نورا
فاذا جاهد المرء وأخلص نيته وكيانه لتفقه هذه المعاني الرحبة أشعت نورا وخشوعا في كيانه وسرائره وهذا لا ينطبق مع الدعاء فقط بل بالذكر الحكيم والمناجاة والتضرع الى الله عز وجل.
ولاننسى بأن العقل الباطن عقل عظيم الذكاء وهو الذي يرسخ
هذه التوجهات القلبية
فاذا داوم العبد المؤمن بأخلاص وهمة وتفقه- فهمة الانسان قاهرة- حصل على النتائج المرجوة وارتقى بايمانه، واذا رأى ما لا يطابق هذا الدعاء في نفسه ذكر نفسه بمعانيه وصبر نفسه على حمله وهذا يسهل تعلق القلب بالله تعالى ورفض كل ما سواه وهذا باب كبير من العلم.
عمر الريسوني
ـ[صلاح الدين حسين]ــــــــ[07 - 02 - 09, 02:28 ص]ـ
جزاك الله خيرا.
ـ[عبد الرحمن السبيعي]ــــــــ[07 - 02 - 09, 07:08 ص]ـ
بارك الله فيك أخونا عمر ......