تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2. أن يكون الخروج [في] جماعة قوية، لها شوكة وقوة، بحيث يحتاج الحاكم في ردهم إلى الطاعة إلى إعداد رجال ومال وقتال، فإن لم تكن لهم قوة كأن يكونوا أفرادا أو لم يكن لهم من العتاد ما يدفعون به عن أنفسهم، فليسوا ببغاة لأنه يسهل ضبطهم وإعادتهم إلى الطاعة [خلافا للشافعية فإنهم لم يفرقوا بين النفر اليسير والكثير]؛

3. أن يكون لهم تأويل سائغ يدعوهم إلى الخروج على حكم الإمام؛ فإن لم يكن لهم تأويل سائغ كانوا محاربين لا بغاة؛

4. أن يكون لهم رئيس مطاع يكون مصدرا لقوتهم؛ لأنه لا قوة لجماعة لا قيادة لها [وهذا مبني على الشرط الثاني].

أما "الحرابة" (ضد السلم): فتتمثل في الخروج والتعرض للناس لأخذ الأموال أو القتل والإرعاب مجاهرة، بقطع الطرق وارتكاب العدوان وإشهار السلاح / المغني لابن قدامة (8/ 278)، وبداية المجتهد لابن رشد (2/ 455).

و"المحاربين" من نزلت فيهم الآيتين من سورة المائدة (آية الحرابة): ?إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ (أي شرعه) وَرَسُولَهُ (أي سنته) وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ، إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ?.

الفرق بينهم وبين البغاة أنهم خرجوا فسقا ومجونا خلافا للبغاة فإنهم خرجوا متأولين.

و"الغيلة" قتل شخص من حيث لا يعلم وهو آمن، وهو "قتل عمد" إلا أن الأول لا تسقط عنه عقوبة القتل بالعفو لأنه حق الله عند السادة المالكية بخلاف الثاني، وفيهما نزلت آية البقرة: ?ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون?، وآية الإسراء: ?وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا? وغيرهما.

الفرق بين الغيلة والبغي أن الغيلة تكون من أفراد، والبغي من جماعات لها عدة وسلاح.

وقد يفرق بين الغيلة والحرابة بأن الأولى تكون لصوصيةً بالمصر، والثانية مجاهرة باللصوصية في المصر وقطعا للطريق خارجه.

ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[08 - 03 - 09, 08:37 م]ـ

الإباضية بغاة:

نعم، ولهم على أهل السنة من الأحكام ما للبغاة، لكن يبقى النظر في جنس البغاة، هل كلهم نوع واحد أم يتفاضلون؟ الصحيح الثاني.

وجه التفاضل: فيما يدعو إليه الباغي؛ فإن دعا إلى حق كان باغيا ( ... )، وإن كان يدعو إلى بدعة سمي باغيا فاسقا؛ فإن كانت البدعة عقَدية كان باغيا فاسق عقيدة، وخالف في هذا أبو حنيفة إذ جعل كل باغٍ فاسقا ببغيه.

- وعليه يكون الوصف الفقهي الدقيق للإباضية أنهم: بغاةٌ فساقُ عقيدةٍ؛

- لكن سبق وأن قلنا إنّ مذهبهم سياسي ما استتروا ببدعهم، يعني إذا لم يدعوا إلى بدعهم ولم يظهروها كانوا بغاةً فحسب؛

- أما إذا أعلنوا صراحة التوبة والفيء إلى الجادة انتفى عنهم وصف البغي كليا وكانوا من أهل السنة.

فإن قيل: لم تسميهم بغاة وقد انقادوا للحاكم وأدّوا الحقوق التي عليهم؟

فالجواب: ما ذكرنا في تعريف البغاة مِن أنهم مَن خرجوا أو سعوا في الخروج، وهؤلاء الإباضية يعتقدون جواز الخروج على الحاكم فهم ساعون في ذلك.

فإن قيل: أنت تحتكم إلى الباطن وشرائع الإسلام تحتكم إلى الظاهر؟

فالجواب: بل حكمنا على الظاهر الطافحِ في كتبهم، يتوارثونه تعلّما وتعليما.

يستفاد من التفصيل أعلاه أنهم لو حرّموا الخروج على الحاكم لانتفى عنهم وصف البغي، وكانوا فساقا بحسب بدعهم.

ويستفاد أيضا أن المستتر ببدعته تجرى عليه أحكام الإسلام في الدنيا كواحد من أهل السنة وأمره إلى الله، قياسا على المنافق.

أما الفسّاق فلا تقبل شهادتهم ولا روايتهم، في حين البغاة دون فسق تقبل شهادتهم إن كانوا عدولا، قال في المغني (10/ 65): "ولا أعلم في قبول شهادتهم خلافا".

كذلك، يبنى على المسألة اعتبار خلافهم في الفقه أم لا؟ فإن كانوا فساقا لم يعتبر وإلا فيعتبر.

تتمة: حكم ما لو أظهر قوم رأي الخوارج دون خروج عن قبضة الحاكم:

وإذا أظهر قوم رأي الخوارج مثل تكفير من ارتكب كبيرة وترك الجماعة واستحلال دماء المسلمين وأموالهم، إلا أنهم لم يخرجوا عن قبضة الإمام ولم يسفكوا الدم الحرام، فإنه لا يحل بذلك قتلهم ولا قتالهم، وهذا قول أبي حنيفة والشافعي وجمهور أهل الفقه [وكثير أهل الحديث]، وروي ذلك عن عمر بن عبد العزيز، خلافا لمالك الذي يرى استتابتهم فإن تابوا وإلا قتلوا لا لأنهم كفار وإنما لإفسادهم في الدين.

وإن سبوا الحاكم أو غيره من أهل العدل عزروا لأنهم ارتكبوا محرماً لا حد فيه، وإن عرضوا بالسب فهل يعزرون؟ على وجهين.

وأما من رأى تكفيرهم فمقتضى قوله أنهم يستتابون فإن تابوا وإلا قتلوا لكفرهم كما يقتل المرتد، وقول الجمهور أصح وأرجح لِما تقدم بيانه من أنهم بغاة لا كفار.

قال القاضي عياض رحمه الله (4/ 614): "وأنهم ما لم يخرجوا ويخالفوا الجماعة، وأذعنوا لأحكام الجماعة وإمامهم حكمهم حكم غيرهم من المسلمين، تجري عليهم الحقوق على وجهها، ويستتابون ويشتد في عقوبتهم من أصر على بدعته منهم، على اختلاف بين العلماء في الاقتصار على هذا أو يقتلون؟ وأبى الشافعى من استتابة القدرية منهم، والخلاف فيه مبنى على الاختلاف في تكفير أهل البدع".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير