تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فيا هذا إذا وقفت بين يدي الله تعالى فسألك لم أبحت دم فلان فما حجتك؟ إن قلت قلدت إمامي، يقول لك فأنا أوجبت عليك تقليد إمامك؟، ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (أول ما يقضى بين الناس في الدماء)، وفي الحديث: (لا يزال المرء في فسحة من دينه ما لم يتند بدم حرام)، نعم من رأيته زنديقا عدوا لله فاتق الله وأرق دمه ابتغاء وجه الله بعد أن تستفتي [قلبك] وتستخيرالله فيه.

[الحنفية]

الفقهاء الحنفية أولو التدقيق والرأي والذكاء، والخير من مثلهم إن سلموا من التحيل والحيل على الربا، وإبطال الزكاة، ونقر الصلاة، والعمل بالمسائل التي يسمعون النصوص النبوية بخلافها.

فيا رجل دع ما يريبك إلى مالا يريبك، واحتط لدينك، ولا يكن همك الحكم بمذهبك، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، فإذا عملت بمذهبك في المياه والطهارة والوتر والأضحية، فأنت أنت، وإن كانت همتك في طلب الفقه [الجدال] والمراء والانتصار لمذهبك على كل حال وتحصيل المدارس [والعلو] فما ذا فقها أخرويا، [بل] ذا فقه الدنيا، فما ظنك تقول غدا بين يدي الله تعالى: تعلمت العلم لوجهك وعلمته فيك، فاحذر أن تغلط وتقولها فيقول لك: (كذبت، إنما تعلمت ليقال عالم، وقد قيل، ثم يؤمر بك مسحوبا إلى النار)، كما رواه مسلم في الصحيح.

فلا تعتقد أن مذهبك أفضل المذاهب وأحبها إلى الله تعالى، فإنك لا دليل لك على ذلك، ولا لمخالفك أيضا، بل الائمة - رضي الله عنهم - على خير كثير، ولهم في صوابهم أجران على كل مسألة، وفي خطئهم أجر على كل مسألة.

[الشافعية]

الفقهاء الشافعية أكيس الناس وأعلم من غيرهم بالدين، فأس مذهبهم مبني على اتباع الأحاديث المتصلة، وإمامهم من رؤوس أصحاب الحديث ومناقبه جمة *، فإن حصلت يا فلان مذهبة لتدين الله به وتدفع عن نفسك الجهل فأنت بخير، وإن كانت همتك كهمة اخوانك من الفقهاء البطالين، الذين قصدهم المناصب والمدارس والدنيا والرفاهية والثياب الفاخرة، فما ذا بركة العلم، ولا هذه نية خالصة، بل ذا بيع للعلم بحسن عبارة وتعجل [للأجر] وتحمل للوزر وغفلة عن الله، فلو كنت ذا صنعة لكنت بخير، تأكل من كسب يمينك وعرق جبينك، وتزدري نفسك ولا تتكبر بالعلم، أو كنت ذا تجارة لكنت تشبه علماء السلف الذين ما أبصروا المدارس ولا سمعوا بالجهات، وهربوا لما للقضاء طلبوا، وتعبدوا بعلمهم وبذلوه للناس، ورضوا بثوب خام وبكسرة، كما كان من قريب الإمام أبو إسحاق صاحب (التنبيه)، وكما كان بالأمس الشيخ محيى الدين صاحب (المنهاج).

وكما ترى اليوم سيدي عبد الله بن خليل، وعلى كل تقدير احذر المراء في البحث وإن كنت محقا، ولا تنازع في مسالة لا تعتقدها، واحذر التكبر والعجب بعملك، فيا سعادتك إن نجوت منه كفافا لا عليك ولا لك، فوالله ما رمقت عيني أوسع علما ولا أقوى ذكاء من رجل يقال له: ابن تيمية، مع الزهد في المأكل والملبس والنساء، ومع القيام في الحق والجهاد بكل ممكن، وقد تعبت في وزنه وفتشته حتى مللت في سنين متطاولة، فما وجدت قد أخره بين أهل مصر والشام ومقتته نفوسهم وازدروا به وكذبوه وكفروه إلا الكبر والعجب، وفرط الغرام في رياسة المشيخة والازدراء بالكبار، فانظر كيف وبال الدعاوي ومحبة الظهور، نسأل الله تعالى المسامحة، فقد قام عليه أناس ليسوا بأورع منه ولا أعلم منه ولا أزهد منه، بل يتجاوزون عن ذنوب أصحابهم وآثام أصدقائهم، وما سلطهم الله عليه بتقواهم وجلالتهم بل بذنوبه، وما دفعه الله عنه وعن أتباعه أكثر، وما جرى عليهم إلا بعض ما يستحقون، فلا تكن فى ريب من ذلك.

[الحنابلة]

[وأما] الحنابلة فعندهم علوم نافعة، وفيهم دين في الجملة، ولهم قلة حظ في الدنيا، [والجهال] * يتكلمون في عقيدتهم ويرمونهم بالتجسيم **، وبأنه يلزمهم، وهم بريئون من ذلك إلا النادر، والله يغفر لهم.

انتهى كلامه رحمه الله ... ومن علم انصاف الذهبي في مؤلفاته علم مكانة كلامه هنا ..

ملاحظة: الترتيب ورد هكذا في الرسالة

و الله أعلم ..

ـ[أبو القاسم الحائلي]ــــــــ[20 - 04 - 09, 08:59 م]ـ

يصعب جدا جواب السؤال بل ويعز، فالتفضيل قد يكون من وجه دون آخر وبه تتفاضل المذاهب الأربعة، ولا يغب عنك البيئة والزمان والمكان الذي يترافق مع النشأة والأنتشار، لكن قد يكون لكل طالب علم مذهب اليه يميل وبه يتشبع، وأن احنبلي النشأة والمسار الا اني أجد من النفس ميلا شديدا الى المذهب الشافعي وتمسك - على جلالة مذهب أصحابنا - الا ان المذهب الشافعي عزيز جدا فيه نفس فقهي بارز وسياق علمي متناسق سامق.

وقد وجدت في هذا نادرة لحظتها، ذلك ان المذهب الشافعي ما ان تنتسب اليه وتصل في طبقة متوسطة منه الا وتدخل في جملة عامة الفقهاء بسبب تكوينه وطريقته فهو يسهل عليك الفتيا والنظر لطبيعته، اما مذهب الأصحاب فيحتاج طالبه الى ان يكون ذا قوة علمية لكي يستوفي قوته في المذهب لصعوبة قواعده وهذا سبب في أن الحنابلة لايبرز منهم فقيه بالجملة الا ويكون آية علمية ومنارة في الفهم وأماما في الزهد، وهذا يلحظه الناظر في طبقات الفقهاء، وعلى مر التأريخ كان مذهب الحنابلة مذهبا يقسى عليه ويظلم أهله ولهذا لايبز حنبلي ويصاف الفقهاء الا وقد بان للناس أمامته وظهر لهم علمه.

قلت ما في نفسي

فأنا أمر بمثل ما تمر به و لا ننسى كتب متقدمي الشافعية كالماوردي و الرافعي و النووي و الروياني و العمراني و قوتها العلمية من حيث المناقشة و الاستدلال

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير