تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2 - هل عمل المسلمون بالواجب من معاملة الكفار من البراء منهم و الامتناع عن بيع المحرم منهم ثم لم يحدث التأثير فاحتجنا إلى أن نمنعهم من بعض الصور المباحة؟

و عند النظر فى هذا الأمر نجد أن المسلمين لديهم خلل كبير فى مسألة الولاء و البراء فالأولى توجيه الناس إلى عداوة الكافرين لأن إقامة الواجب أنفع و أقوى تأثيرا و لعلنا نستجلب النصر دون الحاجة لتحريم ما أحله الله تعالى.

وهناك أمور محرمة لا حصر لها تشترى من الكفار و هى أعظم ربحا بكثير من المياه الغازية و المنظفات الصناعية التى يضعونها فى قائمة المقاطعات إلا إن المسلمين لا يقاطعونها فهناك الأفلام والمسلسلات التى تدفع فيها الملايين و الأغانى الأجنبية و ملابس النساء التى تستخدم فى التبرج و ملابس الرجال التى فيها تشبه بالكفار و السجائر مما لا يمتنع منه الناس و كان الأولى دعوتهم ابتداءا إلى تركها فلو أحدثت نكاية كفينا تحريم أمر مباح للناس.

3 - ضرورة التثبت ممن سيقع عليه الضرر أو من سيقع عليه القسط الأكبر من الضرر إذا كان الضرر مشتركا لأن بعد مراجعة قوائم المقاطعة و استبعاد السلع الضرورية أو التى لا يوجد بديل لها لحصرت السلع المطلوب مقاطعتها فى بعض السلع الاستهلاكية و هذه معظمها عبارة عن توكيلات نصيب الكافر منها 10 % عدا عن أن السوق العربي ليس سوقا استهلاكيا كبيرا, فالحاصل أن 90% من الضرر واقع على المسلمين و الضرر على الكافرين إذا تحقق أصلا لا يجاوز 10%.

و أما نظرة البعض إلى أن أصحاب هذه المصانع من أصحاب رؤوس الأموال لذا فهم يستحقون ما سيقع بهم أو أنهم لن يتأثروا فهذه نظرة غير شرعية لأن المسلم له حق و ماله له حرمة و إن بلغ ما بلغ من الأموال ويجب أن نأخذ فى الاعتبار أيضا العمال المسلمين المتضررين.

4 - أن الذى سيفتى بحرمة أو تقييد هذا الأمر لاعتبارات طارئة يجب عليه أن يراعى أن هناك مسلمين قد عاملوا الكفار من منطلق ما قاله لهم الجميع إن التعامل مع الكافرين الأصل وهو الإباحة, فهل يعقل أن يأتى عالم مجتهد فى يوم و ليلة يقدر حرمة المسلم و يفتى بهذا مما فيه ضرره؟

و قد يقول البعض إن المتضررين لا يتجاوزون المئات و ستأتى المصلحة للملايين لكن هذا لا اعتبار له لأنهم و إن كانوا قلة ضررهم متحقق إذا اتبع الناس فتوى من قال بالمقاطعة و أما كون النفع سيعود على الملايين الآخرين فهذا محل نظر.

و من التناقضات أنه عند الحديث على وجوب بغض الكافرين يقول هؤلاء إن هذا سيضر الأقليات المسلمة التى ستعيش فى باب الكفار و إذا حكمنا بنفس منطقهم فنحن نقول إن هذا غير معتبر لأن عددهم صغير و لأنهم أقاموا فى بلاد الكفر طوعا فهم مقصرون, فهذا مصلحته تتعارض مع المصلحة العامة رغم كونه مسلم و له حرمة إلا إنه مقصر ولا يراعى ضرره لأن الشرع جاء بخلافه.

فهو راعى المقصر الذى سيقيم فى بلاد الكفار و بدل كثيرا من الشرائع من أجله و منع الناس من التحدث فى الولاء و البراء ولم يراع المسلم الذى لم يرتكب جرما و لم يراع حرمته.

5 - إذا قلنا إن العلة فى تحريم أو تقييد هذا المباح هى أنه يغلب على الظن أنه متى امتنع الناس من الشراء منهم راجععوا مواقفهم:

فنحن نقول إنه ليس هناك غلبة ظن بذلك و أن هذه المليارات التى ترصد لمحاربة المسلمين لا تتأثر بهذا الامتناع الباهت من جانب المسلمين. فينبغى أن نبحث هل هناك غلبة ظن أم لا لئلا نحرم على المسلمين شيئا أحله الله عز و جل دون أن تحصل الفائدة المرجوة من ذلك. فلو غلب على ظننا انه يحدث مصلحة و لم يحدث مع التطبيق العملى فنعود إلى الأصل كما ذكرنا لأن الواقع يشهد أن الحرب على المسلمين يرصد لها أموال طائلة لا تهزها هذه الأحداث اليسيرة. و سمعنا عن بيانات كثيرة عن تأثر الشركات بهذه المقاطعة طوال السنين الطويلة لهذه الدعوة لكن الواقع أن الأمور تزداد سوءا على المسلمين فإما إن هذه البيانات غير دقيقة أو ان هذه الشركات لم تراجع أو أن الذين يقودون الحرب يعدون لها أموالا.

و قد يحتج البعض بأن الكفار قوم يحبون المال فإذا نقص من خزاناتهم امتنعوا عن معاداة المسلمين لكن هذا خلاف الواقع لأنهم ينفقون الأموال الطائلة فى الحصول على الرئاسة و فى حربهم للمسلمين و فى شرائهم ذمم الخونة من الكتاب و كذلك فى محاولة نشر ثقافتهم فى العالم , فقضيتهم أعمق من ذلك لأنها قضية بقاء أمة

و التصور أن هذه الحروب قائمة على دعم من شركات محدودة هذا بعيد.

و كذلك حملات جمع التبرعات من أجل هذا نادرة فى عصرنا و غير ذلك هى دعائية فى المقام الأول.

6 - ألا يستدرج الدعاة ليكونوا أبواقا للترويج لسلع معينة على حساب سلع أخرى تقف معها على قدم المساواة فى كل الاعتبارات لأن الحاصل أن قوائم المقاطعة المنتشرة نراها تروج لسلع دون الأخرى بزعم أن السلع الأخرى تحتوى على شئ من المحرمات كمن يقول إن السلعة الفلانية تحتوى على شحم خنزير و نحوه و هذا يعرض مصداقية الدعاة إلى الخلل و الاضطراب و الصحيح أن يقول الداعية إنه إذا وجدت فى سلعة معينة نوع من النجاسات فيحرم و لا يجزم بذلك و لا يردد أسماء تجارية بديلة.

7 - يجب أن لا يظهر الداعى إلى الله بمظهر الذى يريد إقناع الناس برأيه بدون بينة أو أدلة حقيقية كما يفعل البعض حينما يقول إن الكولا التى تنتجها شركة أجنبية محرمة و يسرد أضرارها ثم يأتى بعد ذلك يدل الناس على بديل و هى الكولا التى صنعتها شركة عربية!

8 - و لو قررنا ذلك كله عند المجتهد فلابد من إنزال كل مسألة منزلتها فلا يصح أن يقال فى هذه المسألة أنها أشد تحريما من الخمر بل لا يقال بحرمتها أصلا كما سبق عن عمر فى نكاح الكتابية لما نهى عنه و قال عنه: هو حلال و لكنى أنهى عنه لكذا و كذا , و كذلك يجب عليه ذكر علة المنع لأن هذا دين و يجب أن لا ينسب إليه ما ليس منه.

تم بحمد الله

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير