تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَأَمَّا طَرَفَا الشَّارِبِ، وَهُمَا السَّبَالانِ، فَقِيلَ: هُمَا مِنْهُ، وَقِيلَ: مِنَ اللِّحْيَةِ، وَعَلَيْهِ فَلا بَأْسَ بِتَرْكِهِمَا، وَقِيلَ: يُكْرَهُ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّشَبُّهِ بِالأَعَاجِمِ وَأَهْلِ الْكِتَابِ، وَهَذَا أَوْلَى بِالصَّوَابِ. وَنَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ تَوْفِيرَ الشَّارِبِ فِي دَارِ الْحَرْبِ لِلْغَازِي مَنْدُوبٌ؛ لِيَكُونَ أَهْيَبَ فِي عَيْنِ الْعَدُوِّ.

وَيُسْتَحَبُّ عِنْدَهُمْ قَصُّ الشَّارِبِ كُلَّ أُسْبُوعٍ، وَالأَفْضَلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ وَرَاءَ الأَرْبَعِينَ لِمَا رَوَاهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: " وُقِّتَ لَنَا فِي قَصِّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمِ الأَظْفَارِ وَنَتْفِ الإِبْطِ وَحَلْقِ الْعَانَةِ أَنْ لا تُتْرَكَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً " وَهُوَ مِنَ الْمُقَدَّرَاتِ الَّتِي لَيْسَ لِلرَّأْيِ فِيهَا مَدْخَلٌ فَيَكُونُ كَالْمَرْفُوعِ.

وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: قَصُّ الشَّارِبِ مِنَ الْفِطْرَةِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: < قُصُّوا الشَّوَارِبَ > وَهُوَ سُنَّةٌ خَفِيفَةٌ، فَلَيْسَ الأَمْرُ فِي الْحَدِيثِ لِلْوُجُوبِ، وَالسُّنَّةُ: الْقَصُّ لا الإِحْفَاءُ، وَالشَّارِبُ لا يُحْلَقُ بَلْ يُقَصُّ، قَالَ يَحْيَى: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: يُؤْخَذُ مِنَ الشَّارِبِ حَتَّى يَبْدُوَ طَرَفُ الشَّفَةِ وَهُوَ الإِطَارُ، وَلا يَجُزُّهُ فَيُمَثِّلَ بِنَفْسِهِ.وَفِي قَصِّ السَّبَالَتَيْنِ عِنْدَهُمْ قَوْلانِ.

وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ حَلْقُ مَا خُلِقَ لَهَا مِنْ شَارِبٍ.

وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: قَصُّ الشَّارِبِ سُنَّةٌ لِلأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ، وَيُسْتَحَبُّ فِي قَصِّ الشَّارِبِ أَنْ يَبْدَأَ بِالْجَانِبِ الأَيْمَنِ، لأَنَّ " النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُحِبُّ التَّيَامُنَ فِي كُلِّ شَيْءٍ ". وَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَقُصَّ شَارِبَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ يَقُصَّهُ لَهُ غَيْرُهُ لأَنَّ الْمَقْصُودَ يَحْصُلُ مِنْ غَيْرِ هَتْكِ مُرُوءَةٍ.

وَأَمَّا حَدُّ مَا يَقُصُّهُ: فَالْمُخْتَارُ أَنْ يَقُصَّ حَتَّى يَبْدُوَ طَرَفُ الشَّفَةِ، وَلا يَحُفُّهُ مِنْ أَصْلِهِ، قَالُوا: وَحَدِيثُ: < أَحْفُوا الشَّوَارِبَ. . . > مَحْمُولٌ عَلَى مَا طَالَ عَلَى الشَّفَتَيْنِ، وَعَلَى الْحَفِّ مِنْ طَرَفِ الشَّفَةِ لا مِنْ أَصْلِ الشَّعْرِ، وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قَالَ: < كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُصُّ أَوْ يَأْخُذُ مِنْ شَارِبِهِ، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ يَفْعَلُهُ "، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ خَمْسَةً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُصُّونَ شَوَارِبَهُمْ وَيَعْفُونَ لِحَاهُمْ وَيُصَغِّرُونَهَا: أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ، وَعُتْبَةُ بْنُ عَبْدٍ السُّلَمِيُّ، وَالْحَجَّاجُ بْنُ عَامِرٍ الثَّمَالِيُّ، وَالْمِقْدَامُ بْنُ مَعْدِي كَرِبَ الْكِنْدِيُّ، كَانُوا يَقُصُّونَ شَوَارِبَهُمْ مَعَ طَرَفِ الشَّفَةِ.

وَقَالَ الْمُحَاطِيُّ وَغَيْرُهُ: يُكْرَهُ حَلْقُ الشَّارِبِ.

وَقَالَ الْبَاجُورِيُّ: إِحْفَاءُ الشَّارِبِ بِالْحَلْقِ أَوِ الْقَصِّ مَكْرُوهٌ، وَالسُّنَّةُ أَنْ يَحْلِقَ مِنْهُ شَيْئًا حَتَّى تَظْهَرَ الشَّفَةُ، وَأَنْ يَقُصَّ مِنْهُ شَيْئًا وَيُبْقِيَ مِنْهُ شَيْئًا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير