الثاني: الطلاق المعلق لقصد المنع أو الحث يسمى يميناً في اللغة وفي عرف الفقهاء، ولذا دخل في أيمان البيعة، وفي عموم اليمين في حديث الاستثناء في اليمين، وفي عموم اليمين في حديث التحذير من اقتطاع مال امرىء مسلم بيمين فاجرة، وفي عموم الإيلاء، وفي عموم حديث (يمينك على ما يصدقك به صاحبك) وفي عموم حديث (وإياكم والحلف في البيع) كما ذكر ذلك العلامة شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيرهما من المحققين، وإذا كان يميناً دخل في عموم قوله تعالى: (قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ)، وقوله تعالى: (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ ... ) الآية فتجب فيها الكفارة ...
وما ورد من الآثار عن الصحابة من الفتوى بوقوع الطلاق المعلق عند حصول المعلق عليه فإنه إما غير صحيح نقلاً وإما صحيح معارض بمثله وإما صحيح لكنه فيما قصد به إيقاع الطلاق لا الحث على الفعل أو المنع منه فهو في غير محل النزاع فلا يكون فيه حجة على ما نحن بصدده والصواب التفصيل ... ] أبحاث هيئة كبار العلماء 2/ 390 - 392.
إذا تقرر هذا فأقول للسائل حيث إن زوجتك لم تذهب إلى بيت أخيها فلا يلزمك شيء، ولكن الإشكال في تراجعك عن هذا الطلاق المعلق فإن كنت تقصد مجرد منعها من الذهاب فقط ولم تقصد طلاقها فهذا فيه كفارة يمين كما هو قول شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وما أخذ به قانون الأحوال الشخصية المطبق في المحاكم الشرعية في بلادنا، وأما إن كنت تقصد طلاقها فعلاً إن ذهبت إلى بيت أخيها فهذا فيه إشكال كبير فعند جمهور أهل العلم لا يصح الرجوع عن الطلاق المعلق على شرط، وبهذا أخذ قانون الأحوال الشخصية المطبق في المحاكم الشرعية في بلادنا فقد ورد في المادة رقم 96 [تعليق الطلاق بالشرط صحيح وكذا إضافته إلى المستقبل ورجوع الزوج عن الطلاق المعلق والمضاف لزمان مستقبل غير مقبول].
وأعتقد أن هذه المادة من القانون المذكور تحتاج إلى إعادة نظر حيث إنها تمنع المطلق من الرجوع عما علق عليه الطلاق فقد يكون ذلك الطلاق المعلق قد صدر عنه في وقت كانت علاقته سيئة مع شقيق زوجته ثم تحسنت العلاقة بينهما فأراد أن يأذن لزوجته بالذهاب إلى بيت أخيها فلماذا لا يمكنه التراجع؟! أو لغير ذلك من الأسباب، وأرى أن فتح باب الرجوع عن الطلاق المعلق هو الأولى لأن فيه تيسيراً على الناس وفيه محافظة على الأسرة وإن كان ذلك على خلاف قول الجمهور.
وقد ذكر بعض العلماء المعاصرين قولاً في مذهب الحنابلة يجيز الرجوع عن الطلاق المعلق ونسبه الشيخ ابن مفلح الحنبلي لشيخ الإسلام ابن تيمية، وقال بعض الحنابلة: إن لمن علق طلاق امرأته على شيء الرجوع عن ذلك، وإبطاله، وذلك بالتخريج على رواية جواز فسخ العتق المعلق على شرط قال ابن مفلح في الفروع (5/ 103): " ولا يبطل التدبير برجوعه فيه, وإبطاله وبيعه ثم شراؤه كعتق معلق بصفة. وفيه رواية في الانتصار والواضح: له فسخه, كبيعه, ويتوجه في طلاق".
وقد نقل عن شيخ الإسلام رحمه الله القول بأن لمن علق طلاق امرأته على شيء الرجوع عن ذلك، وإبطاله في الشرط المحض.
وخلاصة الأمر: أن الطلاق المعلق إن قصد به الحمل على فعل أمر ما أو المنع منه فحكمه حكم اليمين تلزم به كفارة يمين عند حصول ما علق عليه وإن قصد به الطلاق فعلاً فيقع الطلاق عند وقوع ما علق به.
وأما قضية الرجوع عن الطلاق المعلق إن قصد به الطلاق فالمسألة تحتاج إلى إعادة بحث ونظر في قول الجمهور المانعين من الرجوع عن الطلاق المعلق وهو الرأي الذي أخذ به قانون الأحوال الشخصية، وهنالك رأي يجيز الرجوع عنه ولعله يجري تعديل قانون الأحوال الشخصية في هذه المسألة.
والله أعلم.
http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?cid=1141154116244&pagename=IslamOnline-Arabic-Ask_Scholar%2FFatwaA%2FFatwaAAskTheScholar
ـ[أبو وائل غندر]ــــــــ[11 - 04 - 09, 02:43 م]ـ
ليهنك العلم أخي الشيخ محمد الجبالي رفع الله قدرك وأعلا ذكرك وأسأل الله أن يفتح عليك أبواب فضله في الدنيا والآخرة، هنيئا لكم الجمع بين الحسنين حسنة العلم وحسنة الرباط في سبيل الله فرباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها وسلامنا لإخواننا الأشاوس الأبطال بارك الله فيك أجدت وأفدت
ـ[محمد الجبالي]ــــــــ[11 - 04 - 09, 06:14 م]ـ
جزاك الله خيرا أخانا أبا وائل
ظننت بأخيك ما ليس فيه
فإني لست من فلسطين وودت والله لو كنت من أهلها
ويعلم الله أنها أحب إلي وأعز عندي من بلدي مصر التي نشأت فيها
وأما الفتيا فإنها لأستاذنا الدكتور حسام الدين موسى أستاذ الفقه في جامعة القدس بارك الله فيه
فجزاه الله عنا خيرا
¥