تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[أحكام لعن الكافرين وعصاة المسلمين]

ـ[آبو ريّان الفيفي]ــــــــ[26 - 04 - 09, 10:26 م]ـ

(1) اللعن في اللغة:

اللعن هو الطرد والإبعاد من الخير" ([1] (2)). قال في لسان اللسان: ولعنه يلعنه لعنا: طرده وأبعده .. واللعن التعذيب .. واللعنة: الدعاء عليه، واللعنة في القرآن العذاب، ولعنه الله يلعنه لعناً عذبه، واللعين: المخزي المهلك" ([2] (3)).

فظهر من ذلك أن اللعن يطلق على الطرد والإبعاد من الخير سواء كان ذلك بالفعل ومنه التعذيب. أو كان بالقول كالدعاء على الشخص باللعن، أو إظهار خزيه وسبه وشتمه.

(2) اللعن في الشرع:

اللعن في الشرع قريب من معناه في اللغة والتعريف المشهور له هو: "الطرد والإبعاد عن رحمة الله".

قال في النهاية: "أصل اللعن: الطرد والإبعاد من الله، ومن الخلق، السب والدعاء" ([3] (4)).

وقال الحافظ ابن حجر: "اللعن الدعاء بالإبعاد من رحمة الله تعالى" ([4] (5)). وقال في تيسير العزيز الحميد". "قالوا: اللعنة: البعد عن مظان الرحمة ومواطنها، قيل واللعين والملعون، من حقت عليه اللعنة، أو دعي عليه بها" ([5] (6)).

وقد يطلق اللعن ويراد به السب والشتم والتنقص والعيب للشخص، ويشهد لذلك الحديث الذي رواه عبد الله بن عمر –رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله r: " إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه"، قيل يا سول الله: وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال: "يسب الرجل أبا الرجل، فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه" ([6] (7)).

ففي هذا الحديث فسر النبي r اللعن بالسب، والسب هو الشتم وهو قبيح الكلام ([7] (8)). فدل على أن اللعن قد يطلق ويراد به السب والشتم ([8] (9))، وقد يطلق ويراد به الدعاء على الشخص أو الطائفة مطلقًا ولو بغير لفظ اللعن، ويدل على ذلك حديث أبي هريرة t قال: قيل يا رسول الله: ادع على المشركين. قال: "إني لم أبعث لعانًا، وإنما بعثت رحمة" ([9] (10)). فالدعاء على الغير قد يسمى لعنًا وإن لم يكن بلفظ اللعن. وهذا المعنى قد يفهم أيضًا من كلام بعض السلف ومن ذلك ما بوب به الهروي في كتابه ذم الكلام بقوله: "باب لعن المحدِثين والمتكلمين والمخالفين" وذكر فيه "ليردن علي أقوام أعرفهم ويعرفوني ثم يحال بيني وبينهم، فأقول: إنهم مني، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول:

سحقاً سحقًا لمن غير بعدي" ([10] (11)).

كما أن لفظ اللعن قد يراد به محض السب وقد يراد به معناه الأصلي الذي هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله ([11] (12)). والذي يتحصل من معاني اللعن وإطلاقاته أربعة:

(1) اللعن على سبيل الإخبار بالطرد والإبعاد عن رحمة الله تعالى كقولك: إن الله لعن الكافرين، أو الكفار ملعونون.

(2) اللعن على سبيل الدعاء بالطرد والإبعاد عن رحمة الله وهذا يأتي بعدة صيغ مثل: لعن الله فلاناً، أو فلان عليه لعنة الله، أو اللهم العن فلاناً، ونحو ذلك.

(3) اللعن على سبيل الدعاء لا على إرادة معنى الطرد والإبعاد عن رحمة الله بل لمطلق السب والشتم كقول القائل: فلان عليه لعنة الله، أو لعنة الله على فلان، ونحو ذلك مما يقصد به قائله مجرد السب والدعاء على الشخص دون استحضار المعنى الخاص للعن.

(4) التعبير باللعن عن السب والشتم والدعاء على الشخص المعين أو الطائفة المعينة بغير لفظ اللعن. مثل قول: فلان قاتله الله، أو أخزاه الله، أو أهلكه الله، أو اللهم انتقم من فلان، أو اللهم عليك بالطائفة الفلانية، أو فلان السفيه الحقير، ونحو ذلك من أنواع السب والشتم والدعاء، فهذا قد يعبر عنه بأنه نوع من اللعن.

فتبين مما سبق أن اللعن قد يراد به نفس لفظ اللعن وقد يراد به عبارات السب والشتم، كما أن لفظ اللعن قد يراد به معناه الأصلي الذي هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله تعالى، وقد يراد به مطلق السب والشتم والتنقص والدعاء على الشخص. والله أعلم.

ثانياً: خطر اللعن:

ليس من صفات أهل الإيمان أن يكون الشخص لُعَنة – أي كثير اللعن للناس ([12] (13)) - فالمؤمن لا يكون لعّانًا كما قال الرسول r: " ليس المؤمن باللعان، ولا الطعان، ولا الفاحش ولا البذيء" ([13] (14)).

وكثير اللعن حري بأن يقع لسانه في لعن من لا يستحق فيعرض نفسه للعقاب والوعيد، وقد بيَّن النبي r شيئاً من عقوبة اللعانين يوم القيامة بقوله: "لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة" ([14] (15)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير