[المنتقى العاطر في تفسير آية فاطر. للشيخ عز الدين رمضاني]
ـ[فيصل أبو ذر]ــــــــ[01 - 02 - 08, 12:04 م]ـ
المنتقى العاطر في تفسير آية فاطر للشيخ عز الدين رمضاني ( http://www.rayatalislah.com/kouttab/sheykh-azzedine-ramadhani.htm)
الحمد لله ولا إله سواه، والصلاة والسلام على نبيّه ومصطفاه، مُحمّد بن عبد الله صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد: فيقول الله جلّ ثناؤه في سورة فاطر: ?ثُمَّ أَوْرَثْنَا الكِتَابَ الذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنْفَسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُم سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذِْنِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الفَضْلُ الكَبِيرُ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهِبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ? [فاطر: 32?33].
بشارة وتكريم:
هذه نعمة من الله جسيمة، ساقها لأمّة محمّد صلى الله عليه وسلم في آيات عظيمة، توحي لهذه الأمّة بكرامتها على الله واهب النعم، وبفضلها على من سواها من سائر الأمم، آيات حملت من الرجاء ما يفرح قلوب المؤمنين، ويدفع اليأس من نفوس المسيئين المذنبين، آيات أكرم الله فيها أمّة التوحيد بالاختيار والاصطفاء، ثمّ خصّها بفضله في الجزاء حتّى لمن أساء ?وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخَيْرَةُ سُبْحَانَ اللهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ? [القصص: 68].
وإنّ من أجلّ النعم على الإطلاق التي جميع النعم بالنسبة إليها كالعدم وراثة الكتاب الجليل الذي هو القرآن لمن اصطفى الله من عباده وذلك هو الفضل الكبير.
من فضائل الآية:
هذه الآية قال عنها بعض العلماء إنّها من أعظم آي الرجاء، لما فيها من توريث هذه الأمّة لهذا الكتاب، ولما وهب من الفضل الكبير والجزاء الحسن يوم الحساب، فلا أمّة قبل هذه الأمّة خصّت بهذه المكرمات، ولا أمّة بعد هذه الأمّة تصيبها هذه الخيرات ?ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ? [يوسف: 38]، فقد بيّن تعالى في هذه الآيات من سورة فاطر أنّ إيراث هذه الأمّة لهذا الكتاب دليل على أنّ الله اصطفاها واختارها على من سواها، وبين أنّهم ثلاثة أصناف: ظالم لنفسه ومقتصد وسابق بالخيرات، فكلّهم اصطفاه الله لوارثة هذا الكتاب وإن تفاوتت مراتبهم وتميّزت أحوالهم فلكلّ منهم قسط من وراثته حتّى الظالم لنفسه، فإنّ معه من أصل الإيمان وعلومه وأعماله ما يدخل به في زمرة الوارثين المستحقّين لدخول جنّة ربّ العالمين.
والمتأمّل في ألفاظ ومعاني هذه الآيات يتجلّى له سرّ تفضيل هذه الأمّة على غيرها وأنّها من أعظم آيات الرجاء لبركتها وخيرها، ولما فيها من لطف الله بأمّة خاتم النبيّين وإحسانه وتفضّله على المحسنين منهم والمسيئين.
قال محمّد الأمين الشنقيطيّ في "أضواء البيان" (6/ 165): «فوعده الصادق بجنّات عدن لجميع أقسام هذه الأمّة، وأولّهم الظالم لنفسه يدّل على أنّ هذه الآية من أرجى آيات القرآن، ولم يبق من المسلمين أحد خارج عن الأقسام الثلاثة، فالوعد الصادق بالجنّة في الآية شامل لجميع المسلمين ولذا قال بعدها متّصلا بها ?وَالَذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ? إلى قوله ?فَمَ لِلظَالِمِينْ مِنْ نَصٍيرٍ?»
أقوال أخرى في تعيين أرجى آية في القرآن:
نقل القرطبيّ في تفسيره (2/ 208) أقوالا لبعض العلماء في تعيين أرجى آية في كتاب الله فقال عند قوله تعالى في سورة النور: ?وَلاَ يَأْتَلِ أُولُواْ الفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُواْ أُولِي القُرْبَى وَاَلْمَسَاكِينَ وَاَلْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلْيَعْفُواْ وَلْيَصْفَحُواْ أَلاَ تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ? [النور: 22].
¥