ـ[ابو عبد الرحمن الأندلسي]ــــــــ[14 - 07 - 09, 04:11 م]ـ
شروط العقيقة
وفيه مطلبان:
المطلب الأول: هل يشترط في العقيقة ما يشترط في الأضحية؟
يرى جمهور أهل العلم أنه يشترط في العقيقة ما يشترط في الأضحية، من حيث كونها من الأنعام ومن حيث السن ومن حيث السلامة من العيوب، قال الإمام مالك: [إنما هي بمنزلة النسك والضحايا لا يجوز فيها عوراء ولا عجفاء ولا مكسورة ولا مريضة].
وقال الإمام الترمذي: [وقالوا لا يجزئ في العقيقة من الشاء إلا ما يجزئ في الأضحية].
وقال ابن قدامة: [وجملته أن حكم العقيقة حكم الأضحية في سنها].
وقال ابن رشد: [وأما سن هذا النسك وصفته فسن الضحايا وصفتها الجائزة].
وقال النووي: [المجزئ في العقيقة هو المجزئ في الأضحية فلا تجزئ دون الجذعة من الضأن أو الثنية من المعز والإبل والبقر هذا هو الصحيح المشهور وبه قطع الجمهور وفيه وجه حكاه الماوردي وغيره أنه يجزئ دون جذعة الضأن وثنية المعز والمذهب الأول].
والوجه الذي حكاه الماوردي نصره الشوكاني وقال إنه الحق، فقال: [هل يشترط فيها ما يشترط في الأضحية؟ وفيه وجهان للشافعية. وقد استدل بإطلاق الشاتين على عدم الاشتراط وهو الحق، لكن لا لهذا الإطلاق، بل لعدم ورود ما يدلّ ههنا على تلك الشروط والعيوب المذكورة في الأضحية، وهي أحكام شرعية لا تثبت بدون دليل. وقال المهدي في البحر: مسألة الإمام يحيى: ويجزئ عنها ما يجزئ أضحية بدنة أو بقرة أو شاة، وسنها وصفتها، والجامع التقرّب بإراقة الدم انتهى. ولا يخفى أنه يلزم على مقتضى هذا القياس أن تثبت أحكام الأضحية في كل دم متقرب به، ودماء الولائم كلها مندوبة عند المستدل بذلك القياس، والمندوب متقرب به، فيلزم أن يعتبر فيها أحكام الأضحية. بل روي عن الشافعي في أحد قوليه أن وليمة العرس واجبة. وذهب أهل الظاهر إلى وجوب كثير من الولائم، ولا أعرف قائلاً يقول بأنه يشترط في ذبائح شيء من هذه الولائم ما يشترط في الأضحية، فقد استلزم هذا القياس ما لم يقل به أحد، وما استلزم الباطل باطل]، و إلى هذا ذهب ابن حزم فلم يشترط في العقيقة ما يشترط في الأضحية فقال: [ويجزئ المعيب سواء كان مما يجوز في الأضاحي أو كان مما لا يجوز فيها، والسالم أفضل]. والقول بأنه يشترط في العقيقة ما يشترط في الأضحية هو الراجح والأقوى.
المطلب الثاني شروط العقيقة:
وبناءً على ما سبق قال جمهور العلماء يشترط في العقيقة ما يلي:
الشرط الأول: أن تكون العقيقة من الأنعام وهي الضأن والمعز والإبل والبقر ولا تصح العقيقة بغير هذه الأنواع كالأرنب والدجاجة والعصفور وهذا قول جماهير أهل العلم من الفقهاء والمحدثين وغيرهم.
قال الحافظ ابن عبد البر: [وقد أجمع العلماء أنه لا يجوز في العقيقة إلا ما يجوز في الضحايا من الأزواج الثمانية، إلا من شذ ممن لا يعد خلافاً].
وخالف ابن حزم الظاهري فخص العقيقة بالغنم فقط – الضأن والماعز – ومنع جوازها بالبقر والإبل فقال: [ولا يجزئ في العقيقة إلا ما يقع عليه اسم الشاة إما من الضأن وإما من الماعز فقط ولا يجزئ في ذلك من غير ما ذكرنا لا من الإبل ولا من البقر الإنسية ولا من غير ذلك]، ونقل هذا القول عن حفصة بنت عبدالرحمن بن أبي بكر وهو رواية عن الإمام مالك وهو قول أبي إسحاق بن شعبان من المالكية والبندنيجي من الشافعية حيث نقل عنه ابن السبكي ذلك: [قال أبو نصر البندنيجي في المعتمد: ليس للشافعي نص في غير الغنم في العقيقة وعندي لا يجزئ غيرها].
واحتج هؤلاء بظاهر الأحاديث التي ذكر فيها لفظ الشاة والكبش كحديث ابن عباس رضي الله عنهما: (عق عن الحسن والحسين كبشاً كبشاً)، وكحديث أم كرز رضي الله عنها: (عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة) قالوا لفظ الشاة يطلق على الواحدة من الضأن والمعز.
قال ابن حزم: [واسم الشاة يقع على الضائنة والماعز بلا خلاف].
واحتج ابن حزم أيضاً بما رواه بسنده عن يوسف بن ماهك أنه دخل على حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر وقد ولدت للمنذر بن الزبير فقلت لها: [هلا عققت جزوراً عن ابنك قالت: معاذ الله كانت عمتي عائشة تقول على الغلام شاتان وعلى الجارية شاة].
وروى مالك بسنده عن إبراهيم التيمي أنه قال: [تستحب العقيقة ولو بعصفور].
¥