تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

اللَّيْلِ قَبْلَ انْفِجَارِ الصُّبْحِ وَلَكَانَ لَا يَمْنَعُ مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَإِنْ قِيلَ لَوْ لَمْ يُؤَذِّنْ حَتَّى يَقُولَ لَهُ مَنْ رَأَى الْفَجْرَ أَصْبَحْت وَقَدْ أَبَاحَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْأَكْلَ حَتَّى يُؤَذِّنَ لَكَانَ أَكْلُ الْمُنْتَظِرِ لِأَذَانِهِ بَعْدَ الْفَجْرِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّوْمِ فَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ مَنْ وَقَعَ أَكْلُهُ إِلَى وَقْتٍ يَتَبَيَّنُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ صَوْمِهِ وَلَمْ يُرِدْ أَنَّ لِلصَّائِمِ أَنْ يَأْكُلَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ وَأَنَّهُ إِنْ أَكَلَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَقَبْلَ أَنْ يَتَبَيَّنَ لَهُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ فَصَوْمُهُ صَحِيحٌ وَكَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ أَنَّ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ مُبَاحٌ إِلَى الْوَقْتِ الَّذِي أُمِرَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ أَنْ يُؤَذِّنَ فِيهِ إِذَا قِيلَ لَهُ أَصْبَحْت وَهُوَ أَوَّلُ طُلُوعِ الْفَجْرِ

وقال السيوطي في تنوير الحوالك في شرح الموطإ عند الموضع نفسه:

" قال بن وضاح قال بعض أهل العلم ليس معنى أصبحت أن الصبح قد ظهر وانفجر ولكنه على معنى التحذير من طلوعه وقال القاضي أبو الوليد الأولى عندي أن معناه أن الفجر قد بدا ولو كان على ما قاله بن وضاح لكان أذان بن أم مكتوم في بقية الليل وقبل انفجار الصبح فان قيل إباحة الأكل إلى أذانه على هذا يؤدي إلى الأكل بعد الفجر فالجواب أن معنى الحديث كلوا إلى الوقت الذي يؤمر فيه بالأذان وهو إذا قيل له أصبحت وهو أول طلوع الفجر وقال الحافظ بن حجر الأولى قول من قال معنى أصبحت قاربت الصباح وهو الذي اعتمده بن حبيب وابن عبد البر والأصيلي وجماعة ولا يلزم وقوع أذانه قبل الفجر لاحتمال أن يكون قولهم ذلك يقع في آخر جزء من الليل قال وهذا وإن كان مستبعدا في العادة فليس بمستبعد من مؤذن النبي صلى الله عليه و سلم المؤيد بالملائكة فلا يشاركه فيه من لم يكن بهذه الصفة وأذانه يقع في أول جزء من طلوع الفجر وقد روى أبو قرة من وجه آخر عن بن عمر حديثا فيه وكان بن أم مكتوم يتوخى الفجر فلا يخطيه

وقال الصنعاني في سبل السلام:

" وفي قوله: إنه كان لا يؤذن أي ابن أم مكتوم حتى يقال له أصبحت أصبحت ما يدل على جواز الأكل والشرب بعد دخول الفجر وقال به جماعة ومن منع من ذلك قال معنى قوله أصبحت أصبحت وأنهم يقولون له ذلك عند آخر جزء من أجزاء الليل وأذانه يقع في أول جزء من طلوع الفجر" (سبل السلام: 1/ 125)

وقال الزرقاني في شرحه على الموطإ:

" (لا ينادي حتى يقال له أصبحت أصبحت) بالتكرار للتأكيد أي دخلت في الصباح هذا ظاهره واستشكل بأنه جعل أذانه غاية للأكل فلو لم يؤذن حتى يدخل الصباح للزم منه جواز الأكل بعد طلوع الفجر والإجماع على خلافه إلا من شذ كالأعمش وأجاب ابن حبيب وابن عبد البر والأصيلي وجماعة من الشراح بأن المراد قاربت الصباح ويعكر على هذا الجواب أن في رواية الربيع التي قدمناها ولم يكن يؤذن حتى يقول له الناس حين ينظرون إلى بزوغ الفجر أذن

وأصرح من ذلك رواية البخاري في الصيام حتى يؤذن ابن أم مكتوم فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر وإنما قلت إنه أبلغ لكون جميعه من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وأيضا فقوله إن بلالا يؤذن بليل يشعر أن ابن أم مكتوم بخلافه ولأنه لو كان قبل الصبح لم يكن بينه وبين بلال فرق لصدق أن كلا منهما أذن قبل الوقت وهذا الموضع عندي في غاية الإشكال وأقرب ما يقال فيه إنه جعل علامة لتحريم الأكل وكان له من يراعي الوقت بحيث يكون أذانه مقارنا لابتداء طلوع الفجر وهو المراد بالبزوغ وعند أخذه في الأذان يعترض الفجر في الأفق ثم ظهر لي أنه لا يلزم من كون المراد بقولهم أصبحت أي قاربت الصباح وقوع أذانه قبل الفجر لاحتمال أن قولهم ذلك يقع في آخر جزء من الليل وأذانه يقع في أول جزء من طلوع الفجر وهذا وإن كان مستبعدا في

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير