لهم مطلع، والفجر طلع عندهم فأمسكوا عن الطعام والشراب والشهوة، ونحن لم يطلع عندنا الفجر بعد، فهل إذا طلع الفجر عندهم يلزمنا حكمهم؟
يقول: (الجواب: لا، وإذا غربت الشمس في الجهة الشرقية, ولكننا نحن في النهار - أقبل الليل من هاهنا، فهم في ليل ونحن في نهار، والشمس طالعة، يُقال: الزموا حكم أولئك الذين غربت شمسهم؟! - إذا غربت الشمس في الجهة الشرقية, ولكننا نحن في النهار، فهل يجوز لنا أن نفطر؟ الجواب: لا.
إذًا؛ الهلال كالشمس تماما - الشمس تعلق بها ما مر من طلوع الفجر وإقبال الليل، هذا يتعلق بالشمس، قال: - الهلال كالشمس تماما، فالهلال توقيته توقيت شهري، والشمس توقيتها توقيت يومي، والذي قال: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [البقرة: 187]- الذي قال هذا - هو الذي قال: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185]، - قال: - فمقتضى الدليل الأثري النقلي والدليل النظري العقلي أن نجعل لكل مكان حكما خاصا به فيما يتعلق بالصوم والفطر، ويُربط ذلك بالعلامة الحسية التي جعلها الله في كتابه، وجعلها نبيه محمد صلى الله عليه و سلم في سنته ألا وهو شهود القمر وشهود الشمس والفجر).
هذا هو الحكم في هذه المسألة، ولو لم يكن فيه إلا قول هذا الحبر وما استدل به من كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لكان كافيا؛ لأنه أتى بالدليل من الكتاب والسنة, وبالدليل العقلي أيضا.
ولكن دعك من هذا, ودعك أيضا من إجازة مجلس هيئة كبار العلماء في هذا الأمر أيضا، وأنه لكل أهل بلد رؤيتهم، دعك من هذا وهذا، وخذ بكلام الشيخ ناصر, وهو يقول برأي الجمهور: وهو أنه ينبغي على المسلمين إذا ثبت الهلال في بلد - في موضع - أن يصوموا أجمعون، هو يقول بذلك، وينتصر له انتصارا كبيرا.
ولكن ما تقول في قوله: (وإلى أن تجتمع الدول الإسلامية على ذلك فإني أرى على شعب كل دولة أن يصوم مع دولته، ولا ينقسم على نفسه فيصوم بعضهم معها وبعضهم مع غيرها, تقدمت في صيامها أو تأخرت, لما في ذلك من توسيع دائرة الخلاف في الشعب الواحد، كما وقع في بعض الدول العربية منذ بضع سنين)؟؟
ما تقول في هذا الكلام؟؟
يقول من يقول: إنه لا بد أن يصوم المسلمون عموم المسلمين في جميع عموم الأرض شرقا وغربا وشمالا وجنوبا إذا ثبتت رؤية الهلال في بلد من بلدان المسلمين, يقول: هذا الكلام الذي يقوله الشيخ ناصر تدليس على الأمة وغش للأمة، هذا لازم قوله الذي لا يمكن أن ينفك عنه. - ولازم القول هل هو قول أو ليس بقول؟!! - لازم هذا القول أن الشيخ يرى وجوب الصيام على من علم برؤية الهلال في غير أرضه, ويُحل له الفطر.
فكيف يكون هذا مقبولا سائغا في دين الله؟!
وأيضا يأمر من يصبح في عيد أن يصبح صائما، وهو يصبح في عيد على حسب اختيار الشيخ رحمة الله عليه بأخذه بقول النبي صلى الله عليه وسلم، وقول النبي على العين والرأس (صوموا لرؤيته) , ولكن الفهم فيه.
فهو يقول: إذا ثبتت رؤية هلال شوال أصبح الناس في عيد، لم يأخذ بها أهل هذا القطر، يصبحون صائمين، حينئذ يصبحون صائمين في يوم العيد!
يقول الشيخ رحمة الله عليه: عليكم أن تصوموا وأن تظلوا جميعا صائمين, وأن يكون العيد من غد, ولا تأخذوا برؤية الآخرين ما لم تجتمعوا على ذلك.
فهل يجيز الشيخ للمسلمين في قطر كامل بل في أقطار كاملة أن تخالف النبي صلى الله عليه وسلم بصيام يوم العيد, وهو الذي يدعو إلى اتباع النبي صلى الله عليه وسلم باعتبار المطالع مطلعا واحدا؟
هذا تناقض!
إذًا؛ المسألة - كما ترى - فيها هذه السعة، والرأي الذي يميل إليه القلب والعقل معا بالدليل النقلي والدليل العقلي هو ما اختاره الشيخ صالح رحمة الله عليه.
وحينئذ أن يحتج امرؤ بأن في هذا توحيدا للمسلمين وجمعا للكلمة!
هذا فيه تشتيت للمسلمين، وتفريق للكلمة.
أي عبث هذا؟!
هذا عبث - والله - بهذه الأمة المسكينة.
أليس في هذا الرأي مندوحة للفقهاء الجدد؟!
لأولئك الذين يفتاتون على دين الله رب العالمين لإحداث الفتن والقلاقل في كل مَحَلَّة، لم هذا؟!
وهذا الأمر - كما ترى - عقلا ونقلا ثابت.
ثم نقول لك أن تَتَّبع الشيخ ناصر في إجازته فيما أجازه - مع قوله بقول من يقول -, أن تتبع الشيخ في هذا, وأن تتبع قرار مجلس هيئة كبار العلماء, وأن تتبع قول الشيخ صالح رحمة الله عليه, وهو من هو فقها .. فقها, خاصة في الفقه والأصول رحمة الله عليه, فكان من أصحاب الأصول رحمة الله عليه, أن تأخذ بقوله، ومعه الدليل العقلي والنقلي, وأن تأخذ بإجازة الشيخ ناصر، وكذلك بقرار مجلس هيئة كبار العلماء أو أن تسير وراء فلان وفلان وليس معه شيء؟!
لأن الذي معه مَرَّ على هؤلاء جميعا ونظروا فيه هذا النظر الذي مر.
فيترك المرء هذه الجبال الراسية, وهذه القمم الشوامخ، ثم يذهب يتقمم هنا وهناك؟!!
ما هذا؟!
هذا عبث؛ ولذلك أدى إلى كثير من الخلل, عبث في عبث!
والحمد لله رب العالمين.
وصلى الله وسلم على النبي الأمين صلى الله عليه وسلم.
تفريغ لمحاضرة مسألة اختلاف المطالع ( http://www.rslan.com/tafre31/Ma6ale3.php) لفضيلة الشيخ محمد سعيد رسلان