إذا عرف هذا فأهل السجن يصلون ظهرا وهل يستحب لهم الجماعة وجهان أصحهما نعم وعلى هذا يستحب لهم إخفاؤها وجهان أصحهما لا والنص أنه يستحب الإخفاء لأن الجماعة في هذا اليوم من شعار الجمعة وإن كان لا تهمة على هؤلاء أما المعذرون الذين نخشى عليهم من التهم فيستحب لهم الإخفاء قطعا وإنما يصلون الظهر بعد فراغ جمعة البلد وأما العيد فيستحب لهم صلاته وأما خطبته ففي استحبابها نظر لما أشرت إليه من الشعار ولم أنظر فيه فيحتاج إلى كشف وتأمل والله أعلم
كتب في جمادى الآخرة سنة تسع وثلاثين
انتهى
- أما المجيزون فقد جلء في فتاوى الشبكة الإسلامية تحت إشراف عبد الله الفقيه
السؤال
أرجو عرض المسألة التالية على أهل العلم في موقعكم المبارك لبيان الحكم الشرعي فيها:
كما تعلمون فإن كثيراً من أبناء الشعب الفلسطيني المسلم يزجون في سجون الاحتلال وكنت واحداً منهم
وقد واجهتني معضلة شرعية ألا وهي تعدد صلاة الجمعة وكذا صلاة العيد في السجن الواحد فقد كنت مسجوناً في معتقل (عوفر) بالقرب من مدينة رام الله وهذا المعتقل قدرتُ مساحته بحوالي كيلومتر مربع وهو مقسم إلى عشرة أقسام متجاورة ويفصل بين القسم والآخر أسلاك شائكة متعددة عرضها أربعة أمتار تقريباً ويوجد حوالي ألف معتقل في هذا المعتقل يعني حوالي مئة معتقل في كل قسم منها وتقام صلاة الجمعة في كل قسم على انفراد وكذا صلاة العيد أي عشر جمع وعشر صلوات عيد.
وهنا مجموعة ملحوظات:
- لا يمكن من الناحية العملية إقامة جمعة واحدة لأن قوات الاحتلال لا تسمح بذلك.
- لا يمكن من الناحية العملية إقامة جمعتين لقسمين متجاورين لأن طبيعة أقسام السجن لا تسمح بجلوس المعتقلين من القسمين المتجاورين على جانبي الشبك الشائك.
- يرى المعتقلون وخاصة المشايخ منهم أنه لا بد من إقامة صلاة الجمعة وكذا صلاة العيد وإن تعددتا لما للصلوات من آثار نفسية كبيرة في نفوس المعتقلين ولا يخفى عليكم ما لصلاة الجمعة من دور في حياة المسلم وخاصة المعتقل.
- هذه الحالة تتكرر في جميع السجون والمعتقلات الصهيونية التي تضم أكثر من عشرة آلاف معتقل.
- ليس هنالك إلا خياران إما تعدد الجمعة أو القول بأن لا جمعة في السجون.
- كنت أميل إلى أنه لا جمعة على السجين حتى دخلت السجن ولمست بنفسي الأثر العظيم الذي تتركه صلاة الجمعة في نفوس المعتقلين وكذلك صلاة العيد وما يصحبها من التكبير الذي يرفع معنويات المعتقلين ... إلخ
أرجو التكرم بالجواب المفصل في هذه الواقعة حيث إن إخوانكم المعتقلين ينتظرون الجواب.
وجزاكم الله خير الجزاء.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في إقامة الجمعة في السجن إذا توفرت شروط الجمعة في المسجونين وأمكنهم أداؤها، فذهبت طائفة إلى صحة ذلك وهو ما نص عليه طائفة من الشافعية وهو ظاهر كلام الحنفية وابن حزم الظاهري، وقالوا: يقيمها لهم من يصلح لها منهم أو من أهل البلد، ويتجه وجوب نصبه على الحاكم، وروي عن ابن سيرين أنه كان يقول بالجمعة على أهل السجون، وخالفه إبراهيم النخعي فقال: ليس على أهل السجون جمعة.
وقد سئل العلامة ابن حجر الهيتمي في فتاويه الفقهية الكبرى: هل يلزم المحبوسين إقامة الجمعة في الحبس؟
فأجاب بقوله: القياس أنه يلزمهم ذلك إذا وجدت شروط وجوب الجمعة وشروط صحتها ولم يُخشَ من إقامتها في الحبس فتنة؛ لكن أفتى غير واحد بأنها لا تلزمهم مطلقاً، وقد بالغ السبكي فقال: لا يجوز لهم إقامتها وإن جاز تعددها. وهو بعيد جداً وإن أطال الكلام فيه في فتاويه والاستدلال لعدم الوجوب بأن الحبوس لم تزل مشحونة من العلماء من السلف والخلف ولم ينقل أن أحداً منهم أقامها في الحبس يمكن الخدش فيه بأنه لا يتم إلا إن ثبت أنه وجد في حبس أربعون شافعياً ممن يعتد بفعلهم ولم يقيموها مع توفر ما ذكرناه من الشروط وعدم خوف الفتنة، فمن أثبت هذا اتضح له عدم الوجوب، ومن لم يثبته يلزمه أن يقول بالوجوب، فإن الذي يصرح به كلام أصحابنا.
ولقد كان البويطي وهو في قيوده في الحبس يغتسل ويلبس نظيف ثيابه ويأتي إلى باب السجن فيشاور السجان في صلاة الجمعة فيمنعه فيرجع ويقول: الآن سقطت الجمعة عني. فتأمل محافظة هذا الإمام - الذي هو أجَلُّ أصحاب الشافعي رضي الله عنه، ولذا استخلفه في حلقته وأخبره بهذه المحنة التي وقعت له بقوله له: ستموت في قيودك - على صلاة الجمعة، مع ما هو عليه تجده كالصريح في أنه لو أمكنه إقامتها في الحبس لفعلها فيه. فإن قلت: إن أقاموها قبل جمعة البلد أفسدوها على أهلها أو بعدها لم تنعقد لهم، قلت: ممنوع فيهما؛ بل عذر الحبس لا يبعد أنه يجوز التعدد فيفعلونها متى شاءوا قبل أو بعد ولا حرج عليهم حينئذ.
وفي العناية شرح الهداية من كتب الحنفية: ويكره أن يصلي المعذورون الظهر بجماعة يوم الجمعة في المصر، وكذا أهل السجن. لما فيه من الإخلال بالجمعة إذ هي جامعة للجماعات، والمعذور قد يقتدي به غيره بخلاف أهل السواد لأنه لا جمعة عليهم (ولو صلى قوم أجزأهم) لاستجماع شرائطه.
ثم نقل فتوى السبكي رحمه الله المنقولة سابقا.
¥