ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[27 - 10 - 09, 01:37 ص]ـ
أخي
اقرأ "فتح المعبود بصحة تقديم الركبتين على اليدين في السجود" للشيخ المحدِّث فريح البهلال
واقرأ كلام الشيخ المحدِّث عبدالله السعد في المسألة
وفقك الله
ـ[أبو عبد البر الحرزلي]ــــــــ[28 - 10 - 09, 12:26 ص]ـ
الراجح في المسألة ـ والله أعلم ـ ما ذكره الأخ أبو الفتح من عدم صحة حديث في المسألة ألبتة، وإليكم البيان باختصار:
عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: (إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه) منكر.
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (1/ 139برقم: 418)، وأبو داود (برقم 836 ط: عوامة)، والترمذي في الجامع (1/ 307 برقم269)،والنسائي في المجتبى (1/ 554 برقم: 1090، باب أول ما يصل الأرض من الإنسان في سجوده)، وفي الكبرى (1/ 345 برقم 682) وغيرهم. من طرق عن: محمد بن عبد الله بن الحسن عن أبي الزّناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعاً. قال البخاري في محمد بن عبد الله بن الحسن كما في التاريخ الكبير: (ولا يتابع عليه، لا أدري أسمع من أبي الزناد أم لا؟) وقال ابن رجب كذلك: (وقال حمزة الكناني: هو منكر. ومحمد راويه ذكره البخاري في الضعفاء، وقال: يقال ابن حسن، ولا يتابع عليه، ولا أدري سمع من أبي الزناد أم لا).
قال الترمذي في الجامع: (حديث أبي هريرة غريب، لا نعرفه من حديث أبي الزناد إلا من هذا الوجه).
أقول: محمد بن عبد الله بن الحسن الملقب بالنفس الزكية لا يقبل منه تفرده عن أبي الزناد، فإن أبا الزناد إمام حافظ مكثر، روى عنه جمع لا يحصون كثرة من الأئمة، ومثل هذا الحديث الذي يتعلق بصفة الصلاة التي هي أعظم ركن في الإسلام بعد التوحيد، مما تعم به البلوى وتقوى الهمم على نقله، فأين أمثال مالك بن أنس من هذا الحديث وأين سفيان الثوري وسفيان بن عيينة وهشام بن عروة وسليمان الأعمش وصالح بن كيسان، بل وأين ابناه عبد الرحمان وأبو القاسم وغيرهم من الأئمة الحفاظ كثير.
ومعلوم أن من منهج الأئمة المتقدمين أن الثقة إذا تفرد عن إمام مكثر كأبي الزناد مثلا، فإنه يستنكر منه هذا التفرد.
قال الإمام مسلم رحمه الله في مقدمة صحيحه: (فأمّا من تراه يعمد لمثل الزهري في جلالته وكثرة أصحابه الحفاظ لحديثه وحديث غيره، أو لمثل هشام بن عروة، وحديثهما عند أهل العلم مبسوط مشترك؛ قد نقل أصحابهما عنهما حديثهما على الإتقان منهم في أكثره، فيروي عنهما، أو عن أحدهما العدد من الحديث مما لا يعرفه أحدٌ من أصحابهما، وليس ممن قد شاركهم في الصحيح مما عندهم، فغير جائز قبول حديث هذا الضرب من الناس، والله أعلم).
ثانيا: حديث عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما: (أنه كان يضع يديه قبل ركبتيه، وقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك). لا يصح.
أخرجه الدارقطني (ص:131) وغيره، من طرق عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما. صححه الحاكم ووافقه الذهبي.
قلت: عبد العزيز الداروردي المدني في روايته عن عبيد الله يأتني بالمناكير.
قال أبو زرعة كما في الجرح والتعديل (برقم:1833): "سيئ الحفظ فربما حدّث من حفظه الشيء فيخطئ".
قال النسائي كما قال المزي في تهذيب الكمال (18/ 194): "عبد العزيز الدراوردي ليس بالقوي".
وقال كذلك: "ليس به بأس، وحديثه عن عبيد الله بن عمر منكر".
وقال الإمام أحمد رحمه الله: "ما حدّث عن عبيد الله بن عمر، فهو عن عبد الله بن عمر وقال كذلك عبد العزيز الدراوردي عنده عن عبيد الله مناكير".
انظر سؤالات أبي داود (ص:222).
وقد صرح الحفاظ بنكارة هذا الحديث.
هذا بالنسبة للمرفوع.
أما آثار الصحابة فقد صح عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أنه كان يضع ركبتيه قبل يديه.
أخرج الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 256) قال: حدثنا فهد بن سليمان، ثنا عمر بن حفص، ثنا أبي، ثنا الأعمش قال: حدثني إبراهيم عن أصحاب عبد الله؛ علقمة والأسود فقالا: حفظنا عن عمر في صلاته أنّه خر بعد ركوعه على ركبتيه كما يخر البعير، ووضع ركبتيه قبل يديه). وإسناده صحيح، وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (2/ 176 برقم2955)، وابن أبي شيبة في مصنفه (1/ 236 برقم2704).
قلت: لم يبقى في المسألة إلا فعل عمر ـ رضي الله عنه ـ، فلا مناص من القول باستحباب تقديم الركبتين على اليدين لأنه فعل عمر وهو من الخلفاء الراشدين بل إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه.
أما القول بوجوب أحد الفعلين، فلم يقل به أحد من السلف ألبتة، بل هو قول باطل محدث، لم يقل به إلا ابن حزم الظاهري وتعلمون أقوال الأئمة المحققين في تفرداته الحديثية والفقهية فلا داعي لبسطها الآن، لذلك نقل شيخ الإسلام ابن تيمية الإجماع على جواز الصلاة بأحد الصفتين، قال في مجموع الفتاوى (22/ 449) حين سئل هل يتلقى الساجد الأرض بركبتيه قبل يديه أو بيديه قبل ركبتيه فأجاب: (أما الصلاة بكليهما فجائزة باتفاق العلماء، إن شاء المصلي يضع ركبتيه قبل يديه، وإن شاء وضع يديه ثم ركبتيه، وصلاته صحيحة في الحالتين باتفاق العلماء، ولكن تنازعوا في الأفضل ... ) اهـ والله أعلم
¥