تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(7/ 0)


الايمان بعد التمرن على العمل لايدع أن يترك العمل وذكر الاحسان بعد للاشارة إلى أن كثرة مزاولة التقوى والعمل الصالح ينتهي إلى الاحسان وهو أن تعبد الله تعالى كأنك تراه إلى آخر ما في الخبر انتهى وفيه الغث والسمين
وكلامهم الذي اشار اليه المرتضى في ايضاح وجه التكرير كثير فقال ابو علي الجبائي: إن الشرط الأول يتعلق بالزمان الماضي والثاني يتعلق بالدوام على ذلك والاستمرار على فعله والثالث يختص بمظالم العباد وبما يتعدى الغير من الظلم والفساد واستدل على اختصاص الثالث بذلك بقوله تعالى: وأحسنوا فان الاحسان إذا كان متعديا وجب أن تكون المعاصي التي امروا باتقائها قبله أيضا متعدية وهو في غاية الضعف إذ لاتصريح في الآية بأن المراد بالاحسان الاحسان المتعدي ولا يمتنع أن يراد به فعل الحسن والمبالغة فيه وإن خص الفاعل ولم يتعد إلى غيره كما يقولون لممن بالغ في فعل الحسن أحسنت وأجملت ثم لو سلم أن المراد به الاحسان المتعدي فلم لا يجوز أن يعطف فعل متعد على فعل لايتعدى ولو صرح سبحانه فقال: اتقوا القبائح كلها وأحسنوا إلى الناس لم يمتنع وذلك ظاهر وقيل: إن الاتقاء الأول هو اتقاء المعاصي العقلية التي تخص المكلف ولا تتعداه والايمان الاول الايمان بالله تعالى وبما أوجب الايمان به والايمان بقبح هذه المعاصي ووجوب تجنبها والاتقاء الثاني هو اتقاء المعاصي السمعية والايمان الثاني هو الايمان بقبحها ووجوب تجنبها والاتقاء الثالث يختص بمظالم العباد وهو كما ترى وقيل: المراد بالاول اتقاء ما حرم عليهم أولا مع الثبات على الايمان والاعمال الصالحة إذ لاينفع الاتقاء بدون ذلك والثاني اتقاء ما حرم عليهم بعد ذلك من الخمر ونحوه والايمان التصديق بتحريم ذلك وبالثالث الثبات على اتقاء جميع ذلك من السابق والحادث مع تحري الاعمال الجميلة وهذا مراد من قال: إن التكرير باعتبار الاوقات الثلاثة وقيل: إنه باعتبار المراتب الثلاث للتقوى المبدأ والوسط والمتهى وقد مر تفصيلها وقيل باعتبار الحالات الثلاث بأن يتقي الله تعالى ويؤمن به في السر ويتجنب ما يضر نفسه من عمل واعتقاد ويتقي الله تعالى ويؤمن به علانية ويجتنب ما يضر الناس ويتقي الله تعالى ويؤمن به بينه وبين الله تعالى بحيث يرفع الوسائط وينتهي إلى أقصى المراتب ولما في هذه الحالة من الزلفى منه تعالى ذكر الاحسان فيها بناء على أنه كما فسره صلى الله عليه و سلم في الخبر الصحيح أن تعبد الله تعالى كأنك تراه
وقيل: باعتبار ما يتقى لانه ينبغي أن يترك المحرمات توقيا من العقاب والشبهات توقيا من الوقوع في الحرام وبعض المباحات حفظا للنفس عن الخسة وتهذيبا لها عن دنس الطبيعة وقيل: المراد بالاول اتقاء الكفر وبالثاني اتقاء الكبائر وبالثالث اتقاء الصغائر وقيل: إن التكرير لمجرد التأكيد ويجوز فيه العطف بثم كما صرح به ابن مالك في قوله تعالى: كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون ولا يخفي أن أكثر هذه الأقوال غير مناسبة للمقام وذكر العلامة الطيبي أن معنى الآية أنه ليس المطلوب من المؤمنين الزهاد عن المستلذات وتحريم الطيبات وإنما المطلوب منهم الترقي في مدارج التقوى والايمان إلى مراتب الاخلاص واليقين ومعارج القدس والكمال وذلك بأن يثبتوا على الاتقاء عن الشرك وعلى الايمان بما يجب الايمان به وعلى الاعمال الصالحة لتحصل الاستقامة التامة التي يتمكن بها إلى الترقي إلى مرتبة المشاهدة ومعارج أن تعبد الله تعالى كأنك تراه وهو المعني بقوله تعالى: وأحسنوا الخ وبها يمنح الزلفى عند الله تعالى ومحبته سبحانه المشار إليها بقوله عز و جل والله يحب المحسنين وفي هذا النظم نتيجة مما رواه الترمذي وابن ماجة من قوله صلى الله عليه و سلم: ليس الزهادة في

(7/ 20)

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير