ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[30 - 08 - 09, 03:39 ص]ـ
رد جبهة علماء الأزهر
اللَّعِبُ على جميع أحواله هو اللعب
فليس هو من ضرورات الحياة التي يرخص الفطر لها عند الحاجة في نهار رمضان
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى (ُ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً) (لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) (الفتح:8: 9)
لقد نزل دين الله وأُرسل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم برسالة ليُعزَّرَ –أي يُنصر- وتعزَّرُ من المسلمين ويُوَقَّر- أي يُسوَّّد- فيها حكم الله على دواعي النفس والهوى،ومن معالم التوقير لدين الله الذي هو فريضة مفترضة توقير أحكامه في النفوس بأن تستشعر جلاله وتتعهد حالها عليه فتلزم أحكامه إيمانا بها قبل النزول على مقتضاها عملا بها،مع تنزيه صاحبها جل جلاله عن الاغترار به،أو التلوُّنُ عليه،أو المخادعة معه، فإن من خادع الله خدعه، ومن ما كره صرعه، وليس يصح لمسلم دين بغير استصحاب هذه القاعدة (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) بهذا قضى الله (ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا)
إن اللَّعب بالأندية لو كان من الأمور المرخصة للإفطار في رمضان ما نهض أحدٌ قط بشيء من تكاليف هذا الدين، فإن من حق الجميع أن يلعب ترفيها لا امتهانا ولا وظيفة، فإن اللعب ليس رسالة وليس وظيفة يبيح الشارع لأحد أن يمتهنها طلبا للرزق، وإن مجاوزة الحدِّ فيه تؤذن شرعا بالمؤاخذة العاصفة، يقول تعالى (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ) (التوبة:65)
وإن العبادة هي الاتباع في الشرائع بنص القرآن الكريم (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (التوبة:31) وبتفسير رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أخرجه الترمذي وأحمد من حديث عدي بن حاتم " إنهم حرّموا عليهم الحلال وأحلوا لهم الحرام فاتبعوهم فذلك عبادتهم إياهم".
قال السدي في تلك الآية: استصحبوا الرجال ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم.
إن اليهود والنصارى لم يتخذوا الأحبار والرهبان أربابا بمعنى الاعتقاد بألوهيتهم أو تقديم الشعائر التعبدية إليهم، ومع هذا فقد نسبهم الله جل ذكره في تلك الآية إلى الشرك،وذلك لمجرد أنهم أطاعوا الأحبار والرهبان على غير ما قضى به الدين و على خلاف ما شرع الله، فساوى النص القرآني في الوصف بالشرك واتخاذ الأرباب من دون الله بين اليهود الذين قبلوا التشريع من أحبارهم وأطاعوهم على حساب وحي الله واتبعوهم وبين النصارى الذين فعلوا مثل ذلك مع الرهبان و قالوا بألوهية المسيح اعتقادا وقدموا إليه الشعائر في العبادة، واعتبر القرآن الكريم أن هذه كتلك في الحكم والاعتبار.
، والإسلام لا يقوم إلا باتباع الله وحده في الشريعة بعد الاعتقاد بألوهيته جل جلاله وحده في الديانة و تقديم الشعائر التعبدية له وحده،فالمعنى الحقيقي للدين يتجلى في اتباع الشرائع كما يتجلى في تقديم الشعائر، والأمر في ذلك جَدٌّ لا يصلح معه شيء من تهاون أو هزل، فإن التمييع هو أخطر ما يعانيه ديننا الآن،وهذا التمييع هو أفتك الأسلحة التي يحارب بها اليوم،وإن رأس مال المسلم دينه –كما قال عبد الله بن المبارك- لا يُخَلِّفه في الرحال، ولا يأتمن عليه الرجال.
وعلى ذلك فإعطاء حق التشريع لأحد غير الله من عباده أيا كان،ولو لم يصحبه شرك في الاعتقاد بألوهية المُشَرِّع هو عند الله تعالى في عداد الشرك الكبير. وإن المقصود بدين الحق الذي عليه المسلمون هو الدينونة لله وحده في الاعتقاد والشعائر والشرائع سواء بسواء،وهذا هو الدين الذي قضى الله تعالى بأنه منصور بوعد الله، رضي من رضي وكره من كره (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (التوبة:33)
و القول بغير ذلك هو اللعب الممقوت.
أخرج محمد بن إسحاق أن جماعة من المنافقين كان منهم وديعة بن ثابت، ورجل من أشجع حليف لبني سلمة يقال له مَخْشِيُّ بن حِمْيَر كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منطلق إلى تبوك، فقال بعضهم لبعض:أتحسبون جِلاد بني الأصفر كقتال العرب بعضهم بعضا؟ والله لكأنَّا بكم غدا مُقَرَّنين في الحبال- إرجافا وترهيبا للمؤمنين- فقال مخشي بن حمير والله لوددت أن أقاضى على أن يضرب كل رجل منا مائة جلدة، وإننا نخشى أن ينزل فينا قرآن لمقالتكم هذه، وقال رسول الله صلى عليه وسلم لعمَّار " أدرك القوم فإنهم قد احترقوا،فاسألهم عما قالوا، فإن أنكروا فقل: بلى قلتم كذا وكذا" فانطلق إليهم عمَّار، فقال لهم، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم" يعتذرون إليه، فقال وديعة بن ثابت –ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقف على راحلته- يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب" فأنزل الله فيهم (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ) (التوبة:65) قضى الله جل جلاله بأن اللعب أو ادعاؤه في مواقف الجد هو استهزاء بالله، واستهزاء بآياته التي هي أحكامه، واستهزاء برسوله صلى الله عليه وسلم المبلغ لها.
وإننا نعيذ أمتنا وأإمتنا من هذا السلوك وهذا المصير (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (النور:63) صدر عن جبهة علماء الأزهر الشريف الأربعاء 28من شعبان 1430هـ الموافق 19 من أغسطس 2009م
http://www.jabhaonline.org/viewpage.php?Id=2666
¥