قد يكون الإشكال لدى البعض من تفريق العلماء بين الأمور الظاهرة والخفية في التكفير، ولكن هذا التفريق إنما يكون في حال عدم التيقن من بلوغ الدعوة والحجة لمن يُنظر في تكفيره أما إذا علم حرمة الفعل مقراً بذلك وزال اللبس والشبهة عنده فالعبرة بالعلم بالمحرم ليس بكونه مجمع عليه من عدمه فلو أن شخصاً أنكر حرمة الزنا جاهلاً حرمته لم يكفر مع أن الزنا مجمع على تحريمه، فلا يشترط كون الفعل مجمع على تحريمه، و لذلك تجد من العلماء من يكفر تارك الصلاة مع أن الجمهور على عدم كفره، وتجد المالكية يكفرون من تعلم السحر مطلقاً في حين ترى الجمهور يشترطون مع التعلم الاعتقاد المكفر أو العمل المكفر
وهذه الأمثلة سقتها لكي أبين لكم _ أحبتي _ أنه لا يشترط في كون الفعل مجمع عليه
ولأحدكم أن يقول: أن ما ذكرته من أمثله _ ترك الصلاة، السحر _ أجمع العلماء على حرمتها وإنما اختلفوا في تكفيره من عدمه، أما مثال التدخين فمن العلماء من يرى الإباحة؟
فالجواب: أن من يرى الإباحة أو الكراهة ليس محل خلاف بيني وبينكم _ حفظني الله وإياكم _، وإنما الخلاف فيمن اعتقد حرمته وكابر وعاند فقال هو حلال وصرح باعتقاده لنا أنه يرى حرمة الدخان ولكن قال هو حلال.
فهو بذلك صرح برد حكم الله تعالى وكراهته له.
ولا يخفي عليكم أن الخلاف ليس علة في تحريم عمل أو إباحته، فكذلك ليس علة في منع الكفر من عدمه إذا أقر الشخص بالحكم وزالت عنه الشبهة و سائر الموانع
ومما يوضح لك المسألة أن الدخان و الشيشة ونحوها إما أن تقول أن تحريمها ليس من عند الله فلا تدخل في النصوص وإما أن تقول بل تحريمها من حكم الله فتدخل في نصوص الوعيد لمن استحل أو كره حكم من أحكام الله. وأحسبكم تقولون بالثاني لا سيما وأن أضرار التدخين ونحوها صارت واضحة جلية مع خطورتها البالغة.
وكون العلماء حذروا من التكفير تحذيراً بالغاً لا يعنى هذا أن نكون مرجئة فلا نكفر من بينت النصوص كفره _ وأنا وأنتم لسنا بإذن الله لا من الخوارج ولا المرجئة _
وتتميماً للفائدة أذكر لكم شروط التكفير التي ذكرها العلماء وهي على قسمين:
1. شروط تكون في الفاعل
2. شروط في الفعل
فالشروط التي في الفاعل هي أن يكون بالغاً عاقلاً متعمد لفعل الكفر مختار له
والشروط التي في الفعل هي أن يكون فعله أو قوله ثبت بالأدلة الشرعية أنه كفر أكبر أو شرك أكبر.
ومن كره أو استحل حرمة الدخان وهي يعلم علم اليقين أن النصوص الشرعية تحرمه ويصرح هو بذلك فيقول (النصوص تدل على تحريمه وأنا أقول حلال) فهل يتوقف أحد في تكفيره؟؟!!
الأخوة الأعزاء: أنا أتكلم هنا بشكل عام و لو قيل لي هل تكفر فلان أو فلان؟
فسأقول له راجع العلماء في هذه المسألة الخطيرة، ولما أجبت السائل في أول مرة لم أوضح هذا التوضيح خوفاً من مزلق التكفير ولكن اضطررت لكتابة هذه الكلمات لا سيما مع تتابع الأخوة الفضلاء على الاستدراك علي و جزاكم الله خيراً
وإن كان فيما كتبته ما هو مجانب للصواب فبينوه لي جزاكم الله خيراً، بل وسأكون لكم من الشاكرين الداعين لكم بظهر الغيب.ِ
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه والباطل باطلاً وارزقنا واجتنابه واهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[07 - 09 - 09, 07:24 م]ـ
الأخ الكريم ابن يوسف .. وفقه الله
لا نتكلم -هنا- عن الأقوال أو الأفعال الكفرية حتى تذكر بعض الأمور التي قال بكفر قائلها أو فاعلها بعض السلف،
إنما الكلام هنا على باب الاستحلال لِما تحريمه ليس مجمعاً عليه، أو أن تحريمه ليس قطعياً جلي الظهور لكل أحد.
بورك فيك
ـ[أبو عزام بن يوسف]ــــــــ[07 - 09 - 09, 07:46 م]ـ
أخي التواب: لعلك لم تتأمل مشاركتي جيداً. وفقني الله وإياك
ـ[ابوالعلياءالواحدي]ــــــــ[07 - 09 - 09, 09:08 م]ـ
هل يقول صاحبك بحلية الخمر مثلا مع قيام الحجة لديه على حرمتها؟ إن كان كذلك فلا شك في كفره، لأنه ساعتها يكون ممن يستحل الحرام والحكم بكفره مقطوع به. لكن إن كان يرى تحريم سائر المحرمات ولا يستحل شيئا منهاخلا الدخان فيوقف حينها ويناظر ويعلم أن من اعتقد حرمة شيء ثم استحله فهو كافر بخلاف من يفعله عصيانا لا استحلالا.
ـ[أبو عزام بن يوسف]ــــــــ[07 - 09 - 09, 10:24 م]ـ
ابوالعلياءالواحدي; هل يقول صاحبك بحلية الخمر مثلا مع قيام الحجة لديه على حرمتها؟ إن كان كذلك فلا شك في كفره، لأنه ساعتها يكون ممن يستحل الحرام والحكم بكفره مقطوع به. لكن إن كان يرى تحريم سائر المحرمات ولا يستحل شيئا منهاخلا الدخان فيوقف حينها ويناظر ويعلم أن من اعتقد حرمة شيء ثم استحله فهو كافر بخلاف من يفعله عصيانا لا استحلالا.
إن ناظرته وجادلته وقال لك: {أنا أعلم علم اليقين أنا الدخان محرم بالنصوص الشرعية ولكن أنا أقول لك: هو حلال وأنا أحلله (بمزاجي)} فماذا تقول فيه؟
¥