تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يسمى سحرا، والسحر الثاني الذي سيعمله الساحر لحل السحر الأول داخل في عموم قوله " والسحر " فهو من الموبقات، لأن المتقرر أن ترك الاستفصال في مقام الاحتمال منزل منزلة العموم في المقال، والله المستعان.

ومن الأدلة أيضا:- أن المتقرر عند عامة أهل العلم رحمهم الله تعالى أن من ضرورات الشرع حفظ الدين، فحفظ الدين مما ينقضه بالكلية أو ينافي كماله من المقاصد الضرورية الكبيرة التي جاء بها هذا الدين العظيم، ومن المعلوم يا إخواني أن الذهاب إلى السحرة والكهان من أعظم ما يكون خطرا على الدين، لما هم عليه من الكفر والشرك والوثنية، والاستعانة بالشياطين، فإن الشياطين التي تعينهم إنما تعينهم من أجل ما يقدم لها مما تأمره به، وأكبر شيء يأمر به الشيطان الشرك، وقتل النفس والزنا، والغالب أنهم لا يعالجون أحدا إلا ويأمرونه بأفعال منكرة، وغريبة، بل في الغالب ما تكون شركية، أو تفضي إلى ذلك، فالذاهب لهم لا يمكن أن يسلم مطلقا، أعني سلامة الدين لأن أكبر مقصود للشيطان هو اختراق حاجز الدين وإتلافه في قلب العبد، وعليه:- فهذا يقرر لنا حرمة الذهاب لهم حماية لجناب التوحيد، ومحافظة على الدين، وحراسة للإيمان، الذي هو أعز وأغلى ما نملكه ونتصف به، فلا يجوز تعريض الدين لمثل هذه الأخطار، لأن حراسته أمانة وحمالة كبيرة، لابد من سد كل الأبواب التي من شأنها أن تكون مؤثرة فيه نقضا أو نقصا.

ومن الأدلة أيضا:- أن المتقرر عند أهل العلم رحمهم الله تعالى وجوب سد الذرائع، فسد الذرائع من القواعد الكبيرة التي لابد أن تؤخذ بعين الاعتبار في الكلام على هذه المسألة، وذلك لأن هؤلاء الكهان والعرافين والسحرة لابد وأن يكونوا سببا في هلاك التوحيد أو إنقاص كماله الواجب, وهم في الأعم الأغلب إنما يعتمدون على ما تخبرهم به شياطينهم من الأمور الغائبة عنهم، ومن المتقرر شرعا أنه لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله، فالله تعالى هو عالم الغيب وحده لا شريك، فتصديق هؤلاء فيما يدعونه من علم الغيب موقع في الشرك الأكبر، وفعل ما يأمرون به من الذبح لغير الله تعالى موقع في الشرك الأكبر، ودعاء الأسماء الغريبة - والتي هي في الغالب أسماء من يعينهم من الشياطين - موجب للوقوع في الشرك الأكبر، إلى غير ذلك من الأبواب التي تفضي إلى الوقوع في أمور الشرك، والمتقرر أن الوسائل لها أحكام المقاصد، فوسائل الشرك شرك ووسائل الحرام حرام، وكل وسيلة تفضي إلى الوقوع في الأمر الممنوع شرعا فهي ممنوعة شرعا وكم، وكم من إنسان ذهب لهم ولم يرجع من دينه بشيء، فضلا عن الفتنة بهم وبما يخبرون به فالحذر الحذر من هذه الطائفة الفاسدة الإبليسية والثلة الكاسدة الخبيثة الشيطانية.

ومن الأدلة أيضا:- أن المتقرر في الشرع حرمة التعاون على الإثم والعدوان، كما قال تعالى} وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {والذهاب لهم من أجل العلاج بالسحر هو في الحقيقة تعاون معهم على الإثم والعدوان، لأن السحر محرم كله، وعدوان كله, ولا يحل منه شيء، فإقرارهم على تعاطيه وعمله ودفع المبالغ الطائلة لهم من أجل العلاج كل هذا من المحرمات، لأنه من التعاون على الإثم والعدوان.

ومن الأدلة أيضا:- أن المتقرر أن ما كان تحريمه مما لا تحله إلا الضرورة فإنه لا يجوز التداوي به وأما التحريم الذي تبيحه الحاجة فإنه يجوز التداوي به، وتحريم السحر لا تحله لا ضرورة ولا حاجة فلا يجوز التداوي به من باب أولى.

ومن الأدلة أيضا:- أن المتقرر في الشريعة أن الشريعة جاءت لتقرير المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها، وقد قررنا لك أن الذهاب إلى السحر والكهان من الأفعال التي طفحت جوانبه من المفاسد، ولا مصلحة فيه فيما نعلم، وإن كان ثمة شيء من المصالح، فإنها لا تعتبر مع تلك المفاسد الكبيرة، فحيث كان الذهاب لهم مما كثرت مفاسده وتعددت أضراره، فلا يكون مما يجوز لأن تجويزه تقرير لما فيه من المفاسد، والمتقرر أن كل مفسدة فالواجب شرعا تعطيلها أو تقليها ما أمكن.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير