تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن الأدلة أيضا:- أن المتقرر في القواعد أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، والذاهب لهم وإن كان فيه شيء من المصلحة، ولكن مفاسده أكثر، فلابد من تقديم المفاسد على المصالح المرجوة من وراء الذهاب لهم.

ومن الأدلة أيضا:- أن المتقرر في القواعد أن المفاسد المتحققة لا تقتحم من أجل المصالح المتوهمة والذهاب لهم فيه مفاسد متحققة بمجرد الذهاب لهم، وأما ما نرجوه منهم من المصالح فإنه متوهم فلا نجزم بحصوله، فكيف نقتحم المفاسد الكثيرة المتحققة من أجل مراعاة مصالح لا ندري هل تتحقق أم لا؟ هذا والله بعيد عن الفقه.

ومن الأدلة أيضا:- أن القول بجواز الذهاب إلى السحرة والكهان لحل السحر بما عندهم من علم الكهانة والسحر يتضمن إقرار وجودهم في البلد، وإقرار بقائهم من الباطل الذي جاء الشرع بإبطاله، فتجويز الذهاب لهم مقرر لوجودهم، ووجودهم ممنوع شرعا، فنتج منه أن الذهاب لهم ممنوع شرعا، لأن المتقرر أن ما أفضى إلى الممنوع فهو ممنوع، وما أفضى إلى إقرار ما أمر الشرع بإزالته وإعدامه فلا جرم أنه ممنوع شرعا.

ومن الأدلة أيضا:- أن الأكثر ممن ذهب إلى السحرة بقصد العلاج لم يستفد منهم إلا مجرد الأوهام والشكوك، ولا تزال أعراضه المرضية على ما هي عليه إن لم تكن قد زادت، وبعض المرضى قد تخف أعراضه في بادي الأمر إلا أنه في النهاية تضطرب حالته، وتعود إلى أسوأ مما كانت عليه، وهذا يبين لك أنهم دجاجلة أفاكون، وجهلة مارقون، وعفنة فاسدون تالفون، فلا عقل ولا هداية ولا توفيق، فضلا عن أن كثيرا ممن ذهب إليهم قد دفع سحره بسحر مماثل أو أقوى فعولج الشر بالشر، ودفعت المفسدة بمثلها، ودفع الضرر بالضرر، والمتقرر في القواعد أن الضرر لا يدفع بالضرر.

ومن الأدلة أيضا:- أن المتقرر أن المبني على الباطل لا يكون إلا باطلا، وأنت خبير في أن ما عند السحرة والكهان من العلم، إنما هو بوحي شياطينهم، وأنت تعرف أن الكذب في الشياطين كثير جدا، لقوله " صدقك وهو كذوب " فكذبهم كثير لا يحصر، وأما صدقهم فهو قليل، فالكهان والسحرة يبنون وصفاتهم على ما تمليه عليهم الجن المصاحبة لهم، فلابد وأن يكون كثير من هذه الوصفات التي يصفها الساحر أو الكاهن للمرضى قد بني على غير شيء، وإنما بني على الدجل والكذب والخرافة، فتكون كلها باطلة لا يجوز تعاطيها، لأن ما بني على الباطل فهو باطل.

ومن الأدلة أيضا:- أن المتقرر في القواعد وجوب حفظ الصحة، فالدين جاء بالاهتمام بأمر الصحة أيما اهتمام، وكثير من هذه التدخينات والأعشاب التي يصفها الكاهن أو الساحر هي في حقيقتها خليط من أعشاب لا يدرى عن مدى تأثيره الصحي على البدن، فبعضها قد يصيب بالأمراض المستعصية الخطيرة، لأن الساحر ليس من أهل الاختصاص في وصف مثل هذه الأعشاب فسدا لباب فساد الصحة نقول:- لا يجوز الذهاب إلى الكهنة والسحرة للعلاج فالمتداوي عندهم قد يصدق عليه المثل القائل (يبني قصرا، ويهدم مصرا).

ومن الأدلة أيضا:- أن القول بتجويز الذهاب للسحرة للعلاج فيه فتح لباب التخفي وراء ستار نفع الناس، ويجد الساحر لنفسه مسوغا لوجوده بين الناس، وإن أخذ بالقول وشدد عليه قال:- أنا ممن يحل لا ممن يعقد، أو يقول الآخر:- أنا أعمل بفتوى العالم الفلاني أو الشيخ الفلاني، فلا يدرى بعد ذلك من المحق ومن المبطل فيختلط الحابل بالنابل، فسدا لهذا الباب نقول:- لا يجوز الذهاب للسحرة أصلا، لا في عقد ولا في حل.

ومن الأدلة أيضا:- أن الساحر لابد له في حال حل السحر أن يتصل بالشياطين، وهذا الاتصال بهم من قبله لابد وأن يتضمن أمرا ينافي التوحيد، لابد من ذلك، لأن الشياطين لا تخدم الساحر من أجل سواد عيونه، بل تخدمه على حسب كفره وشدة إجرامه في جانب الحق والخلق، فإن جوزنا الذهاب للساحر بقصد التداوي فإننا نجوز ضمنا هذا الاتصال، فانظر كيف أفضت الحال بالقول بالجواز إلى القول بإقرار الاتصال الشركي، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير