تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن أوجه المنع أيضا:- أن القول بتجويز حل السحر بالسحر يفضي إلى تسلط الساحر على الناس في سحرهم ليضطروا له في الحل عنهم، فيأخذ عليهم الأموال الطائلة، قال الشيخ حافظ الحكمي رحمه الله تعالى (ولهذا ترى كثيرا من السحرة الفجرة في الأزمان التي لا سيف فيها يردعهم يتعمد سحر الناس ممن يحبه أو يبغضه ليضطره بذلك إلى سؤاله حله يتوصل بذلك إلى أموال الناس بالباطل فيستحوذ على أموالهم ودينهم نسأل الله تعالى العافية) فلابد من سد هذا الباب السد المنيع، ولا يتأتى هذا إلا بالقول بمنع الذهاب لهم المنع المطلق، وهو الحق الذي لا يجوز القول بغيره في هذه المسألة.

ومن الأوجه أيضا:- أن النبي صلى الله علبه وسلم قد وصف هذا العمل بأنه من عمل الشيطان وذلك في قوله لما سئل عن النشرة قال " هي من عمل الشيطان " وهذا أبلغ من مجرد النهي عنها فهي من عمل الشيطان، وما كان من عمل الشيطان فإنه لا يكون إلا ممنوعا، فكيف تطيب النفس بتجويز شيء من عمل الشيطان؟ فالله المستعان.

ومن الأوجه أيضا:- أن القول بتجويز حل السحر بالسحر فيه فتح لباب تعلم السحر، لأن ثمة من سيتعلمه بهذا القصد، فيفضي هذا إلى كثرة الشر وانتشار الشرك، وإضلال الناس بحجة الاستشفاء فينفتح باب السحر، وتظهر قرون الوثنية، ويفرخ الشيطان في عقول الناس وقلوبهم وتكون له السيطرة، ويحتل منصب القوة على بني آدم، فالشريعة قد أغلقت باب السحر، ومن ذلك إغلاق باب تعلمه، والقول بتجويز حل السحر بالسحر مما ينفتح به هذا الباب، فلابد من سد بابه بمنع تعلمه مطلقا، ولو كان يراد به نفع الناس بحل السحر عنهم.

ومن الأوجه أيضا:- أن المتقرر أن سلامة المقاصد لا تسوغ الوقوع في المخالفات، فالذهاب لهم وإن لم يقصد به صاحبه إلا نفع نفسه بالعافية، ولا يريد به إضرار أحد، والساحر وإن نوى نفع هذا المريض، إلا أن ذلك كله لا يسوغ الوقوع في المخالفات، فالسحر حكمه التحريم، بغض النظر عن مقاصد تعليمه وعمله، ولا يجوز لأحد أن يترخص في الذهاب إلى السحرة والكهان بحجة أن قصده سليم، لما قررناه لك.

ومن الأدلة أيضا:- أن المتقرر في قواعد الشرع أن كل من اتخذ سببا لم يدل عليه شرع ولا قدر فقد أشرك الشرك الأصغر، وإن اعتقده الفاعل بذاته فشرك أكبر، والمعالجة التي ستتم عند الساحر كثير منها يكون فيه اختراع علاجات لم يثبت الدليل الشرعي ولا الدليل القدري أنها نافعة، فضلا عن أن كثيرا من هذه الأدوية التي يصنعها هي أصلا في ذاتها لا تجوز شرعا لما اشتملت عليه من الضرر الديني والبدني، فهي في حقيقتها اختراع أسباب لم يأت بها الشرع ولا تثبتها التجربة، بل الشرع جاء بإبطالها، وندب إلى محاربتها لما فيها من الضرر العظيم والمفاسد الكبيرة، والعوائد الخطيرة على الفرد والمجتمع في أبدانهم وأديانهم، فهي من اتخاذ الأسباب بلا دليل شرعي ولا قدر مرعي، فهي من الشرك الأصغر إلا في حق من اعتقد أنها الفاعلة بذاتها فتكون في حقه من الشرك الأكبر، فالواجب سدها ومحاربتها، وهذا لا يتأتى مع القول بتجويز الذهاب إلى السحرة والكهان بل لا يتأتى إلا مع القول بتحريم حل السحر بالسحر، ولو تأملت هذا الوجه من الاستدلال لوجدته قويا في ترجيح التحريم، فالذهاب إلى السحرة ليس من الأسباب المعتبرة في الشرع في العلاج، بل هو مما جاءت الشريعة بصد بابه، والله أعلم.

ومن الأدلة أيضا:- ما رواه الحاكم في المستدرك عن الحسن قال: سألت أنس بن مالك عن النشرة فقال: ذكروا عن النبي صلى الله عليه وسلم " أنها من عمل الشيطان " وقال:- هذا حديث صحيح و أبو رجاء هو مطر الوراق و لم يخرجاه، وقال الذهبي في التلخيص: صحيح، والنشرة على القول الصحيح هي حل السحر بالسحر, فبان لك بذلك القول الصحيح الحق في هذه المسألة وأن حل السحر بالسحر لا يجوز، وأنه من النشرة الشيطانية، وأنه دل على منعه الكتاب والسنة وقواعد الشرع، والمعقول الصريح، والله أسأل أن يشرح صدورنا للحق الموافق للكتاب والسنة.

(فصل)

وقد استند من قال بالجواز بأدلة لا تصلح أن تكون دليلا أصلا، ومن باب الفائدة أذكرها لك مع بيان الجواب عليها، فأقول وبالله التوفيق ومنه أستمد العون والتأييد:-

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير