تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مما استدل به القائلون بالجواز ثبوت الخلاف في المسألة، وهذا من أعجب ما استدلوا به، قالوا:- المسألة خلافية، والخلاف رحمة للأمة، وفيه توسعة عليها، وهذا باطل، لأن المتقرر أنه يجب علينا رد الأمور المتنازع فيها للكتاب والسنة، لنعرف وجه الحق فيها على ضوء دراسة الأدلة، قال تعالى} وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ {وقال تعالى} فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً {فليس وجود الخلاف في المسألة بمسوغ لأن تأخذ من الأقوال ما يحلو لك، بل لابد من النظر في الأدلة، والمقارنة بين الحجاج وقد رأيت أن أدلة الكتاب والسنة والقواعد الشرعية والمعقول الصريح كلها تدل على أنه لا يجوز الذهاب للسحرة والكهان، وهذه المسألة في الحقيقة وإن لم تكن من مسائل الإجماع إلا أنه لابد وأن ينكر فيها على المخالف لأن الدليل ناصر أحد القولين نصرا ظاهرا، والمسائل الخلافية إذا كان الدليل فيها ينصر أحد القولين نصرا ظاهرا، فالواجب هو الأخذ بمقتضى الدليل وترك ما خالفه وهذا متقرر عند أهل الحق، ولكن تأبى بعض النفوس إلا الانسياق وراء شهواتها وما تريد، والله المستعان.

ومما قالوه:- إن بعض السلف أجاز حل السحر بالسحر، فقد روي عن الحسن أنه قال (لا يحل السحر إلا ساحر) وفي البخاري عن قتادة: قلت لابن المسيب: رجل به طب أو يؤخذ عن امرأته أيحل عنه أو ينشر؟ قال (لا بأس به، إنما يريدون به الإصلاح، فأما ما ينفع فلم ينه عنه) وهو أقوى ما استدلوا به، وأقول:- إن الطامة الكبرى أن يفسر كلام السلف على غير مرادهم، فأما قول الحسن فإنه يريد به التحذير من النشرة الشيطانية، وإنما يريد بيان أن السحر عقد من الشيطان, ولا يقدر على حلها إلا من هو ساحر مثله، ففيه التحذير من الذهاب إلى السحرة، وليس فيه إقرار الذهاب، فالحسن هنا إنما يتكلم عن النشرة التي تتضمن حل السحر بسحر مثله، ولم يقل:- بما أنه لا يحل السحر إلا ساحر فاذهبوا للسحرة، هو لم يقل هذا، وإنما أثبت أن الأمور السحرية أمور خفية شيطانية فلا يكاد يعرف حلها إلا من هو ساحر يعرف هذه الأمور، وأما قول ابن المسيب فإنه إنما يريد النشرة الجائزة، وهي حل السحر بالأدوية المباحة والتعويذات الجائزة، والرقى النافعة المشروعة، فهو يقرر جواز النشرة المباحة المشروعة، وبالجملة فهي نشرتان:- نشرة سحرية شيطانية شركية، وهي التي حذر منها الحسن رحمه الله تعالى، ونشرة مباحة شرعية، وهي النشرة التي رغب فيها ابن المسيب، والمتقرر أن حمل كلام السلف الصالح على ما يتوافق مع دلالة الكتاب والسنة أولى من حمله على ما يتعارض مع دلالتهما، لاسيما وإن كان من أئمة السلف كالحسن وابن المسيب، ففي الحقيقة أن كلام الحسن وابن المسيب متفق مع ما قررته الأدلة من منع حل السحر بالسحر، فلا دليل في كلامهما على ما يريده من قال بجواز حل السحر بالسحر، وإنما هو شيء توهموه فقط، قال الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله (قوله " قال ابن المسيب: لا بأس به" محمول على الحل الذي لا بأس به وهو الحل بالرقية والتعوذات والأشياء المباحة فهذا من باب الإصلاح والإصلاح مأمور به والمنكر منهي عنه) وقال رحمه الله تعالى (قوله "وروي عن الحسن أنه قال: لا يحل السحر إلا ساحر" أي لا يحل السحر بالطرق الشيطانية إلا ساحر وأما حله بالطرق الإيمانية والشرعية فهذا يحلّه أهل العلم والبصائر والخبرة والتجارب فيحلونه بأنواع من الأدوية والتعوذات والقراءة فيحل عن المسحور ما به كما حل عن النبي صلى الله عليه السحر بقراءة المعوذتين) وقال الشيخ صالح آل الشيخ في بيان في شرحه لباب ما جاء في النشرة من كتاب التوحيد (ومناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد ظاهرة، وهي أنه كما أن السحر شرك بالله - جل وعلا - يقدح في أصل التوحيد، وأن الساحر مشرك الشرك الأكبر بالله، فالنشرة التي هي حلّ السحر قد تكون من ساحر، وقد تكون من غير ساحر بالأدوية المأذون بها، أو الأدعية ونحو ذلك فإذا كان من ساحر فإنها مناقضة لأصل التوحيد، ومنافية لأصله، فالمناسبة ظاهرة في الصلة بين هذا الباب وباب ما جاء في السحر، وكذا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير