تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بغير الرقية وبغير أسباب من الإنسان؛ لأنه سبحانه هو القادر على كل شيء، وله الحكمة البالغة في كل شيء، وقد قال سبحانه في كتابه الكريم} إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ {فله سبحانه الحمد والشكر على كل ما يقضيه ويقدره، وله الحكمة البالغة في كل شيء عز وجل وقد لا يشفى المريض , لأنه قد تم أجله وقدر موته بهذا المرض , ومما يستعمل في الرقية آيات السحر تقرأ في الماء، وهي آيات السحر في الأعراف، وهي قوله تعالى} وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ {وفي يونس وهي قوله تعالى} وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ {إلى قوله جل وعلا} وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ {وكذلك آيات طه} قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى {إلى قوله سبحانه} وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى {وهذه الآيات مما ينفع الله بها في رقية السحر، وإن قرأ القارئ هذه الآيات في الماء وقرأ معها سورة الفاتحة، وآية الكرسي، وبقل هو الله أحد والمعوذتين في ماء ثم صبه على من يظن أنه مسحور، أو محبوس عن زوجته فإنه يشفى بإذن الله, إن وضع في الماء سبع ورقات من السدر الأخضر بعد دقها كان مناسبا، كما ذكر ذلك الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله في (فتح المجيد) عن بعض أهل العلم في باب (ما جاء في النشرة) ويستحب أن يكرر قراءة السور الثلاث، وهي: (قل هو الله أحد) و (قل أعوذ برب الفلق) و (قل أعوذ برب الناس) ثلاث مرات, والمقصود: أن هذه الأدوية وما أشبهها هي مما يعالج به هذا البلاء وهو السحر، ويعالج به أيضا من حبر عن زوجته، وقد جرب ذلك كثيرا فنفع الله به، وقد يعالج بالفاتحة وحدها فيشفى، وقد يعالج بقل هو الله أحد والمعوذتين وحدها ويشفى , ومن المهم جدا أن يكون المعالج والمعالج عندهما إيمان صادق، وعندهما ثقة بالله، وعلم بأنه سبحانه مصرف الأمور وأنه متى شاء شيئا كان، وإذا لم يشأ لم يكن سبحانه وتعالى، فالأمر بيده جل وعلا، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فعند الإيمان وعند الصدق مع الله من القارئ والمقروء عليه يزول المرض بإذن الله وبسرعة، وتنفع الأدوية الحسية والمعنوية. نسأل الله أن يوفقنا جميعا لما يرضيه، إنه سميع قريب) وسئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى عن حكم حل السحر عن المسحور "النشرة"؟ فأجاب قائلًا (حل السحر عن المسحور " النشرة " الأصح فيها أنها تنقسم إلى قسمين:

القسم الأول: أن تكون بالقرآن الكريم، والأدعية الشرعية، والأدوية المباحة فهذه لا بأس بها لما فيها من المصلحة وعدم المفسدة، بل ربما تكون مطلوبة؛ لأنها مصلحة بلا مضرة.

القسم الثاني: إذا كانت النشرة بشيء محرم كنقض السحر بسحر مثله فهذا موضع خلاف بين أهل العلم: فمن العلماء من أجازه للضرورة, ومنهم من منعه, لأن النبي، صلى الله عليه وسلم سئل عن النشرة فقال " هي من عمل الشيطان " وإسناده جيد رواه أبو داود، وعلى هذا يكون حل السحر بالسحر محرمًا، وعلى المرء أن يلجأ إلى الله - سبحانه وتعالى - بالدعاء والتضرع لإزالة ضرره والله سبحانه وتعالى يقول} وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ {ويقول الله تعالى} أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ {والله الموفق) وقال الشيخ صالح بن فوزان حفظه الله تعالى (أما قضية حل السحر بسحر مثله فقد نص كثير من العلماء على أن ذلك لا يجوز، لأن التداوي إنما يكون بالحلال والمباح، ولم يجعل الله شفاء المسلمين فيما حرم عليهم، وقال النبي صلى الله عليه وسلم " تداووا ولا تداووا بحرام " وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال " إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم " ومن أعظم المحرمات السحر فلا يجوز التداوي به ولا حل السحر به، وإنما السحر يحل بالأدوية المباحة وبالآيات القرآنية والأدعية المأثورة هذا الذي يجوز حل السحر به, وأما حله بسحر مثله فهذا هو النشرة التي قال النبي صلى الله عليه وسلم " إنها من عمل الشيطان " وقال الحسن " لا يحل السحر إلا ساحر " ومنع منها كثير من العلماء).

وهذا آخر ما أردنا تحريره في هذه العجالة، في بيان حكم هذه المسألة الخطيرة التي كثر حولها الجدل، وأسأله جل وعلا أن يفقهنا وإياكم في ديننا وأن يعلمنا وإياكم ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا، وقد كتبت هذه الوريقات على عجلة من الأمر، فإن وجدت فيها ما ينفعك فالوصية لك أن تدعو لجامعها بالمغفرة، وإن تجد عيبا فسد الخللا، فجل من لا عيب فيه وعلا، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، وقد فرغت منها قبيل الفجر ليلة الثاني والعشرين من شهر ذي القعدة عام تسع وعشرين وأربعمائة وألف للهجرة على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير