تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

3 - ومنه الإحسان إلى البنات واليتامى فروى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءتني امرأة معها ابنتان لها فسألتني فلم تجد عندي إلا تمرة واحدة فأعطيتها فقسمتها بين ابنتيها ثم قامت فخرجت فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فحدثته فقال: " من يلي من هذه البنات شيئاً فأحسن إليهن كن له ستراً من النار". 4 - ومنه الإحسان للجار كما تقدم في الآية: " والجار ذي القربى " وقد روى البخاري (6018) ومسلم (47) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ". وفي لفظ عند مسلم: " ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره ". وحسن جواره يكون بثلاثة: كف أذاك عنه وبذل نداك له والصبر على أذيته لك قال الحسن البصري رحمه الله: " ليس حسن الجوار كف الأذى – أي فحسب- حسن الجوار الصبر على الأذى ". الآداب الشرعية (2/ 16).

4 - ومنه الإحسان لجميع الحيوان من البهائم وغيرها والأخص في حالة زهوق الروح كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته".وهذا يشمل المقتول سواء من البشر أو من البهائم والحيوان وذلك بعدم الإساءة إليه بمثل المثلة والتعذيب في الذبح. قصص ذات عبرة: أحسنوا فأحسن الله إليهم:

1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش فوجد بئرا فنزل فيها فشرب ثم خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني فنزل البئر فملأ خفه ماء ثم أمسكه بفيه حتى رقى فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له قالوا: يا رسول الله وإن لنا في هذه البهائم لأجراً؟ فقال: " في كل كبدة رطبة أجر". رواه البخاري ومسلم.متفق عليه.

2 - وروى مسلم عن أبي هريرة أيضاً: " أن امرأة بغياً رأت كلباً في يوم حارٍ يُطيف ببئر قد أدلع لسانه من العطش فنزعت له بموقها فغفر لها". أحسنوا إلى الخلق فأحسن الخالق إليهم وفك ضيقهم: وفي القصة المشهورة الصحيحة في الصحيحين وغيرهما عن ابن عمر وغيره رضي الله عنهم في خبر الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى الغار فانطبقت عليهم الصخرة فما استطاعوا الخروج وعلموا وتيقنوا بضرورة اللجوء إلى الله والتوسل إليه بما يغلب على ظنهم أنهم قد أخلصوا فيه لله تعالى وأحسنوا فيه لعباده فأحدهم توسل: بإحسانه لأبويه ببرهما. والثاني: توسل بإحسانه لقريبته والثالث: توسل بإحسانه إلى أجيره والعامل عنده فوفاه حقه فما كان الجزاء الذي ينتظرهم إلا الإحسان فكان ما كان مما قد عرف واشتهر بفك ضيقهم وتفريج كربتهم. الإحسان من أسباب انشراح الصدر: قال ابن القيم رحمه الله وهو يعدد أسباب انشراح الصدر: (ومنها الإحسان إلى الخلق ونفعهم بما يمكنه من المال والجاه والنفع بالبدن وأنواع الإحسان فإن الكريم المحسن أشرح الناس صدرا وأطيبهم نفسا وأنعمهم قلبا والبخيل الذي ليس فيه إحسان أضيق الناس صدرا وأنكدهم عيشا وأعظمهم هما وغما وقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيح مثلا للبخيل والمتصدق كمثل رجلين عليهما جنتان من حديد كلما هم المتصدق بصدقة اتسعت عليه وانبسطت حتى يجر ثيابه ويعفي أثره وكلما هم البخيل بالصدقة لزمت كل حلقة مكانها ولم تتسع عليه. فهذا مثل انشراح صدر المؤمن المتصدق وانفساح قلبه ومثل ضيق صدر البخيل وانحصار قلبه). (زاد المعاد 2/ 25 - 26). ومن لم يحسن وأساء كانت العاقبة عليه في الدنيا والآخرة: في صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " عُذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت فدخلت فيها النار لا هي أطعمتها وسقتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض. وعوتب نبي كريم في نملة: روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نزل نبي من الأنبياء تحت شجرة فلدغته نملة فأمر بجهازه فأخرج من تحتها وأمر بها فأحرقت في النار قال: فأوحى الله إليه: فهلا نملة واحدة. والإحسان من أعظم منازل تحقيق " إياك نعبد وإياك نستعين ": قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه مدارج السالكين: (2/ 478 - 479): ومن منازل " إياك نعبد وإياك نستعين " منزلة الإحسان: وهي لب الإيمان وروحه وكماله وهذه المنزلة تجمع جميع المنازل فجميعها منطوية فيها وكل ما قيل من أول الكتاب إلى ههنا فهو من الإحسان. ومن أنواعه: الإحسان إلى من أساء إليك بقول أو فعل كما قال الحق سبحانه: {ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم}. ومن سلك هذا السبيل المبارك وهو الإحسان أحسن الله جزاءه في كل شيء وفي كل الأمور كما قال تعالى: {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان}. نسأل الله تعالى أن يجعل لنا ولكم الحسنى وزيادة وأن يعيننا على تحقيق هذه الرجة الرفيعة من درجات الإيمان إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير