وكيف لصاحبك أن يوجه الاختلاف بين الفقهاء، ويحدد أثر النهي في المنهي عنه وما يترتب عن ذلك من صحة وبطلان وفساد؟ فلا بد حين الحكم بفساد أو صحة أو بطلان التصرفات من التعليل، وما التعليل إلا محاولة إدراك مقاصد الشارع، وفهمها وتنزيلها علىأفعال المكلفين وتصرفاتهم.
هذا جانب، وأزيدك من الشعر بيتا، ما يقول صاحبك في منطقة الفراغ أو ما يعرف عند الأصوليين والمقاصديين بمنطقة العفو، أهي همل؟ أم لا بد من تحكيم الشرع فيها؟ وكيف يحكم فيها الشرع بدون ما تقتضيه المقاصد الكلية والغايات العامة، فإذا حكمت هذه المقاصد والغايات فلا بد من إعمال القياس الكلي والمصلحي والشريعة قابلة للقياس عليها باعتبار العلل والمقاصد القريبة والعالية كما قال الإمام ابن عاشور رحمه الله.، وهذا من باب الرفق الإلهي بخلقه.
وما يفعل صاحبك إذ تعارضت لديه الأدلة، ـ ولا يهم هنا إن كان يقر بمبدأ الاستحسان وسد الذرائع ومراعاة الخلاف وغيرها من قواعد الترجيح ـ إذ أعدم المقاصد ولم يعملها؟
وما يفعل صاحبك إذا عدى الأحكام تعدية آلية فألفى نفسه عوض أن يجلب المصلحة أوقع نفسه وغيره في المفسدة، أو اعتبر مصلحة وغيرها أولى في الاعتبار، أو درء مفسدة غيرها أولى في الدرء، ولا يقع في ذلك إلا إن كان جاهلا بمآلات الأحكام، وكيف يعرف مآلات الأحكام دون مقاصد؟
ولتسأل صاحبك، كيف له أن يواجه عصره دون وعي مقصدي حقيقي، خاصة في علاقة المسلمين مع غيرهم، وكيف يعرف أن يوازن بين مصالح العصر ومفاسده دون وعي مقصدي حقيقي.
أما دعواه بأن اعتبار المقاصد يضيع الأحكام، فيا أخي الكريم ـ يخلق الله ما يشاء، والحمد لله على نعمة العقل ـ، لا يقول هذا الكلام إلا من حرم نعمة الفهم والإدراك، ولا يقوله إلا من لم يفقه الشريعة، فكيف يضيع اعتبار المقاصد الأحكام، وما الأحكام إلا مقاصد تنطوي على مقاصد والمقاصد تنطوي على أحكام، ولا مقصد بدون حكم ولا حكم بدون مقصد، فكيف إذن؟
إن من عادة العقلاء ألا يعطوا الغالب حكم النادر إلا لضرورة، إذ العكس هو الأولى، ولكن كيف يفهم هذا أصلا من عرف المقاصد اسما وجهلها رسما، ولهذا ترى أنه تمسك بوقائع أعيان محددة لقوم تساهلوا في الفتوى بدعوى المقاصد وجعلها حجته وعلته، فكانت تلك منه ثالثة الأثافي، ودونه وفهم المقصود خرط القتاد كما قيل.
وسبحان الله يا أخي، يختم بأن يقول يجب الاهتمام بمقاصد المكلفين، فيا لله العجب!!!!، أمقاصد المكلَّف دون مقاصد المكلِّف؟، إنها والله لإحدى الكبر، إذ كيف تستقيم هذه دون تلك؟ إن الوضعيين في قوانينهم اعتبروا مقاصد القانون ومقاصد المحكومين بهاو ربطوا بينها، فكيف لا تكون تلك خصيصة الشرع الحنيف مع أنه لا قياس مع الفارق.
فكيف نحكم على مقاصد المكلفين دون علم بمقاصد الشارع؟ وهذه جزئية يطول الحديث فيه إن كانت لي حياة وعود كتبت فيها ما يتيسر إن شاء الله.
فدعك أيها الفاضل من دعواه، وأرح رأسك من النقاش معه، ووجه طاقتك إلى ما هو خير لك وللمسلمين.
غفر الله ذنبك ورحم والديك وجعل الجنة لك دار القرار.
ـ[أبو يوسف المالكي]ــــــــ[26 - 09 - 09, 03:17 ص]ـ
صدق من قال: الناس أعداء ما جهلوا.
صاحبك هذا يجب أن يعزر على كلامه، لأنه يضرب بعرض الحائط علما قائما بذاته، وهو من أصعب المباحث الأصولية، له رواده وتواليفه. ولا أظن المسكين سمع عن الشاطبي والموافقات، فإن كان يعرفه فالتعزير مضاعف وجوبا.
ـ[راشد اللحيان]ــــــــ[26 - 09 - 09, 09:59 ص]ـ
الأخ الكريم أبو القاسم المصري رعاك الباري وجزاك الله خيرا على الإفادة
الأخ الكريم يوسف حميتو جزاك الله خيرا ورفع قدرك وبارك في علمك وشكر سعيك
ولي عودة لأذكر بعض الأمور التي استشكلها الأخ لعلكم توضحونها وتحتسبون الأجر لأن الجميع سيستفيد بإذن الله
الأخ الكريم أبو يوسف المالكي وفقك الله نريد تعزيزاً لا تعزيراً مراعاة لمقاصد الشريعة حفظكم الله ونفع بكم
ـ[أبو يوسف المالكي]ــــــــ[26 - 09 - 09, 10:56 ص]ـ
الأخ الكريم أبو يوسف المالكي وفقك الله نريد تعزيزاً لا تعزيراً مراعاة لمقاصد الشريعة حفظكم الله ونفع بكم
إنما قصدت شدة النكير، فلم يطرق سمعي كلام كالذي حكيته عن صاحبك، اللهم إن كان الأخ من العوام، أما خاصة الطلبة فهم أعقل من أن يأتي منهم ذلك، ولا نذكر الباحثين في العلوم الشرعية.
وفقكم الله وأحسن إليكم، فقد أثرتم موضوعا مهما هو حديث الساعة بين الباحثين في الدراسات الفقهية والأصولية، وله وحدات للبحث في سلك الدكتوراة بعدة جامعات.
ـ[أبو يوسف المالكي]ــــــــ[26 - 09 - 09, 11:59 ص]ـ
هذا مجموع يحوي أربع كتب هي دراسات قيمة في علم المقاصد ومقدمة لمن أراد ولوج هذا الفن.
- الاجتهاد المقاصدي حجيته ضوابطه ومجالاته، لنور الدين الخادمي.
- تعليل الأحكام في الشريعة الإسلامية، لعادل الشويخ.
- علم المقاصد الشرعية، لنور الدين الخادمي.
- مقاصد الشريعة تأصيلا وتفعيلا، لمحمد بكر حبيب.
http://www.mediafire.com/download.php?numdzjzmdjl