تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال:» صرح (تعالى) في هذه الآية الكريمة بأنه يعلم أن رسوله يَحْزُنُه ما يقوله الكفار في تكذيبه، وقد نهاه عن هذا الحزن المفرط في مواضع أخرى كقوله: ((فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَات)) [فاطر: 8]، وقوله: ((فَلا تَأْسَ عَلَى القَوْمِ الكَافِرِينَ)) [المائدة: 68]، وقوله: ((فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الحَدِيثِ أَسَفاً)) [الكهف: 6]، وقوله: ((لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ)) [الشعراء: 3].

والباخع: المهلك نفسه ... إلخ (21).

4 - جمع موارد اللفظة القرآنية:

قد يورد المفَسّر» وصفاً «وُصف به شيء، ثم يذكر الأشياء الأخرى التي وصفت به، أو يعمد إلى لفظة فيذكر أماكن ورودها، ومن أمثلة الأول:

* قال: الأمير الصنعاني» والبقعة مباركة (لما) (21) وصفها الله لما أفاض (تعالى) (فيه) (22) من بركة الوحي وكلام الكليم فيها.

كما وصف أرض الشام بالبركة، حيث قال: ((وَنَجَّيْنَاهُ)) أي: إبراهيم ((وَلُوطاً إلَى الأَرْضِ الَتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ)) [الأنبياء: 71]

ووصف بيته العتيق بالبركة في قوله: ((إنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ)) [ال عمران: 96].

ووصف شجرة الزيت بالبركة في قوله: ((شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ)) [النور: 35] (23).

* ومن أمثلة الثاني قوله:» وسمّى الله كتابه هدى في آيات: ((ذَلِكَ الكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ)) [البقرة: 2]، ((إنَّ هَذَا القُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ)) [الإسراء: 9]، ((قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ)) [فصلت: 44]، وفي لقمان: ((هُدًى وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ)) [لقمان: 3]، وفي النحل: ((تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ)) [النحل: 89]، فهو هدى وبشرى للمسلمين والمحسنين، وفي يونس: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ)) [يونس: 57] (24).

طريقة الوصول إلى تفسير القرآن بالقرآن:

التفسير إما أن يكون طريقه النقل، وإما أن يكون طريقه الاستدلال،

والأول: يطلق عليه (التفسير المأثور)،

والثاني: يطلق عليه (التفسير بالرأي).

ومن هنا فإن تصنيف (تفسير القرآن بالقرآن)، في أحدهما يكون بالنظر إلى القائل به أولاً، لا إلى طريقة وصوله إلى ما بعد القائل؛ لأن ذلك طريقهُ الأثر.

وتفسير القرآن بالقرآن ينسب إلى الذي فسّر به، فالمفَسّر هو الذي عَمَدَ ـ اجتهاداً منه ـ إلى الربط بين آية وآية، وجعل إحداهما تفسر الآخرى.

وبهذا فإن طريق الوصول إليه هو الرأي والاستنباط، وعليه فإنه لا يلزم قبول كل قول يرى أن هذه الآية تفسر هذه الآية؛ لأن هذا الاجتهاد قد يكون غير صواب.

كما أنه إذا ورد تفسير القرآن بالقرآن عن مفسر مشهور معتمد عليه فإنه يدلّ على علو ذلك الاجتهاد؛ لأنه من ذلك المفسر.

فورود التفسير به عن عمر بن الخطاب أقوى من وروده عن من بعده من التابعين وغيرهم، وهكذا.

حُجّيّةُ تَفْسير القرآن بالقرآن:

كلما كان تفسير القرآن بالقرآن صحيحاً، فإنه يكون أبلغ التفاسير، ولذا: فإن ورُود تفسير القرآن بالقرآن عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أبلغ من وروده عن غيره؛ لأن ما صح مما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مَحَلّهُ القبول.

بيد أن قبوله لم يكن لأنه تفسير قرآن بقرآن، بل لأن المفسّر به هو النبي -صلى الله عليه وسلم-.

ومن أمثلة تفسيره القرآن بالقرآن ما رواه ابن مسعود: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (مفاتح الغيب (26) خمسٌ، ((إنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)) [لقمان: 34] (26).

أما ورود تفسير القرآن بالقرآن عن غير الرسول فإنه قد قيل باجتهاد المفسر، والاجتهاد معرض للخطأ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير