تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

حالنا في بلاد الشام أرض الرباط والجهاد في سبيل الله Uوخاصة أرض الإسراء والمعراج لما لها من أهمية كبرى في تاريخ الإسلام والمسلمين ويكفيها شرفا أن ربط الله ذكرها بذكر بيته المحرم الذي دنسه اليهود والصليب وجنوده قال تعالى (سبحان الذي أسرى بعبده من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير) أي هو الذي يسمعكم ويبصركم في أرض الرباط فلا تخافوا أحدا ولا تعطوا الدنية في دينكم لأنكم علي الحق والله معكم ولن يتركم أعمالكم

فالجهادُ من الإيمان بل هو ذروة الإيمان وأعلاه , فلا يفوتك يا ولي الله حظك منه , ففي الصحيح عن أبي هريرة tعن النبي rقال: " انتدب الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا إيمان بي وتصديق برسلي أن أرجعه بما نال من أجر أو غنيمة أو أدخله الجنة , ولولا أن أشقّ على أمتي ما قعدت خلف سريةٍ , ولوددت أني أقتل في سبيل الله ثم أحيا ثمّ أقتل ثمّ أحيا ثمّ أقتل"، قال ابن بطال رحمه الله: (انتدب الله يريد أوجب الله وتفضل لمن أخلص النية في جهاده أن ينجزه ما وعده

قال rكما في صحيح مسلم عن أبي هريرة w: " مِن خيرِ معاش الناسِ لهم رجلٌ ممسكٌ عنان فرسه في سبيل الله يطير على متنه كلما سمع هيعة أو فزعة يبتغي القتل والموت مظانه " , والهيعة كما قال أبو عبيد بن سلام: الصوت الذي تفزع منه وتخافه العدو، قال النووي رحمه الله: (أي من خير أحوال عيشهم رجلٌ ممسكٌ)، وقال القرطبي رحمه الله في المفهم: (أي من أشرف طرق المعاش الجهاد). اهـ

وتأمل رحمك الله قوله t( يبتغي القتل) بعد قولهِ (من خير معاش الناس) , فدلّ ذلك على أن الموت في سبيل الله حياةٌ , وإن كذبت نفسك الأمارة بالسوء وأثقلت عليك بالشهوات والشبهات فقد قال الله تعالى): وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ {

أنعم حياة في الجهاد وفي الهدى& إن الجهاد مجامع الإيمان

فإحمل سلاحك لايغيب بريقه & إن السلاح وسامة الفرسان

وإرم بنفسك في النزال فإنما & لا تقصر الأعمار بالشجعان

فاحرص أيها المجاهد على الشهادةِ في سبيل الله عز وجل ولا يثبطنك المثبطون ولا المرجفون في المدينة ولا تكن من القاعدين فإن خير العيش في الجهاد , وإياكَ إياكَ أن تحسب أن الشهادة لقطة لا قيمة لها , بل هي كنزٌ عظيم لا يناله إلا ذو حظٍ عظيم، ووسام شرف لا يناله إلا من ارتفع إلى درجة عالية , ثم اعلم أن الطريق إلى الجنة لا مكان فيه للعاجزين الخائفين الجبناء وإنما يسلكه الشجعان الشرفاء، شرفاء النفس والدين الذين باعوا أنفسهم لله وفي سبيل الله , فهو طريقُ جدٍ واجتهاد وتعبٍ ونصب , تزهق فيه الأنفس ويتلف فيه المال , ولكن رويدك أيها القاعد الحريص على الذل من العيش فإنك لست مخيراً في أمرك بين أن تكون وسط الرجال أو مع النساء والصبيان , أم تصنع من الحديد سلاحاً أو تصغ منه لنفسك أسورة وخلخالاً! فإن الله هو الذي يختار (ما كان لهم الخيرة من أمرهم)

فصغ ما كنت حليت به سيفك خلخالاً& وما تصنع بالسيف إذا لم تكُ قتَّالاً؟

فالجهاد فرض عَين على كل مسلم قادرٍ ليس به عذر , فقد صرَّح العلماء أنه يصير فرض عين في مواطن عديدة , واحدة منها تكفي فكيف إذا اطبقت علينا جميعها كما هو الحال في فلسطين و بلاد الرافدين؟! وأفغانستان والشيشان وغير ذلك من بلاد المسلمين التي تنتهك أعراضهم وتغتصب نساؤهم فهل يترك المسلم أرضه والعدو في داره يهتك عرضه ويسرق ماله ويقتل ولده؟ وهذا فضلاً على أنه لا يجوز في الدين فهو مما تستقذره النفوس السوية , ويدخل فيه عدم السفر عند دفع الصائل كما هو الحال في بلاد الرافدين سواء أكان السفر مباحاً أو مستحباً كالعمرة أو واجباً كالحج، فمن القواعد أنه لو تعارض واجبان قُدم آكدهما وما يضيق به الوقت , فلا شكّ أن دفع الصائل على الدين والعرض لا يتحمل التأجيل بينما الحج واجبٌ موسع وقته فيتقدم ما كان واجباً على الفور أي الجهاد، على الواجب على التراخي أي الحج، بل يُقدم على وفاء الدَّين الذي حلَّ أجله.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير