تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكذلك من المعلوم أنه إذا تعارضت مصلحتان في مناطٍ واحد تعارضاً كلياً، بحيث كان لا بدّ لتحصيل أحدهما من تفويت الآخر قُدم ما فيه حفظ الدين على ما سواه، وهو هنا الجهاد في سبيل الله، فلا شيء أوجب بعد الإيمان بالله من دفع الصائل كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

ومواطن تَعيُّن الجهاد هي

إذا دهم العدو ثغراً أو احتل أرضاً من أراضي المسلمين صغيرةً كانت أم كبيرة ولو شبراً واحداً.#

إذا حضر القتال واصطف الرجال للنزال، حَرُمَ على كل مسلمٍ موجود في أرض المعركة ودار النزال وبدأ القتل والاقتتال وهو #

قادر على الجهاد في سبيل الله أن يدعه ويرحل أو يقعد عنه

إذا استنفر الإمام الناس أو جماعةً معينةً منهم فيتعين ويجب عليهم حينئذ كما إذا استنفرَ العلماء أو الأطباء#

ويلحقُ بما سبق وجوب استنقاذ أسرى المسلمين من أيدي الكافرين وخاصةً إذا كان الأسرى من نساء المسلمين قال الله تعالى:

{والْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} الآية , وأمرَ الله المؤمنين وحرضهم واستنفرهم على السعي في استنقاذ الأسرى ووصفهم بالمستضعفين المظلومين وذلك كما عند الطبري وابن كثير رحمهما الله فقال الله تعالى: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَ?ذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا} , قال الطبري رحمه الله: (ما شأنكم لا تقاتلون في سبيل الله وعن مستضعفي أهل دينكم وملتكم الذين قد استضعفهم الكفار فاستذلوهم ابتغاء فتنتهم وصدهم عن دينهم من الرجال والنساء والولدان)، وقال القرطبي رحمه الله عند تفسيره لهذه الآية: (وتخليص الأسارى واجبٌ على جماعة المسلمين إما بالقتالِ وإما بالأموالِ وذلك أوجب لكونها دون النفوس إذ هي أهون منها، قال مالكٌ واجبٌ على الناس أن يفدوا الأسارى بجميع أموالهم وهذا لا خلاف فيه). ا

هذا بالطبع في أموال الناس أما المال الذي لا بدّ منه لدفع العدو الصائل على الدين والعرض فلا يجب فيه فإنه بدفعه يضعف الجهاد إن لم يتوقف , ويزداد عدد الأسرى ولا يقل والله تعالى أعلم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (سُئلتُ عن مَن عليه دَين وله ما يوفيه وقد تعين الجهاد , فقلت: من الواجبات ما يُقدم على وفاء الدَّين كنفقة النفس والزوجة والولد الفقير ومنها ما يقدم وفاء الدين عليه كالعبادات من الحج والكفارات ومنها ما يقدم عليه إلا إذا طولب به كصدقة الفطر، فإن كان الجهاد المتعين لدفع الضرر كما إذا حضره العدو أو حضر الصف قُدم على وفاء الدين)، ثمّ قال رحمه الله: (ولذلك قلتُ: لو ضاقَ المال عن إطعام جياع والجهاد الذي يتضرر بتركه قدمنا الجهاد وإن ماتَ الجياع كما في مسألة التترس وأولى فإن هناك نقتلهم بفعلنا وهنا يموتون بفعل الله). اهـ

وقال الله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ * ثُمَّ أَنْتُمْ هَ?ؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى? تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ ? أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} الآية.

قال القرطبي رحمه الله في التفسير: (قال علماؤنا: كان الله تعالى قد أخذ عليهم – أي اليهود – أربعة عهود: ترك القتال، وترك الإخراج، وترك المظاهرة، وفداء أساراهم، فأعرضوا عن كل ما أُمروا به إلا الفداء فوبخهم الله على ذلك توبيخاً يتلى، فقال {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ} وهو التوراة {وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ}) , ثم قال القرطبي رحمه الله: (ولعمر الله لقد أعرضنا نحن عن الجميع بالفتنِ فتظاهر بعضنا على بعض ليت بالمسلمين بل بالكافرين حتى تركنا إخواننا أذلاء صاغرين عليهم حكم المشركين فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم – إلى قولِه – قال ابن خويز

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير