تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فلو قدر رجلان أحدهما ذكر الذكر الواجب بالقلب فقط والثاني بلسانه فقط فإن الأول لا يجزئه في صلاته بلا نزاع؛ وإن قدر ذكر القلب أفضل لأنه ترك الواجب المقدور عليه؛ كما أن الخشوع لله بالقلب والبدن أكمل منه بالقلب وحده وهو بالقلب وحده أكمل منه بالبدن وحده، ثم إن المصلي لو اقتصر على خشوع القلب لم يجزئه بلا نزاع.

ولو غلب الوسواس على قلبه في أكثر الصلاة لم تصح صلاته عند أبي حامد الغزالي وأبي الفرج بن الجوزي، لكن المشهور عند الأئمة أن الفرض يسقط بذلك.

والتحقيق أن كل عمل في الظاهر من مؤمن لا بد أن يصحبه عمل القلب بخلاف العكس فلا يتصور عمل البدن منفردا إلا من المنافق الذي يصلي رياء وكان عمله باطلا حابطا ففرق بين المنافق والمؤمن فيظهر الفرق بين المؤمن الذي يقصد عبادة الله بقلبه مع الوسواس وبين المنافق الذي لا يصلي إلا رياء الناس.

وأما أبو حامد ونحوه فسووا بين النوعين فإن كلاهما إنما تسقط عنه الصلاة القتل في الدنيا من غير أن تبرئ ذمته ولا ترفع عنه عقوبة الآخرة والتسوية بين المؤمن والمنافق في الصلاة خطأ.

نعم قد يكون بعض الناس فيه إيمان ونفاق مثل أن يصلي لله ويحسنها لأجل الناس فيثاب على ما أخلصه لله دون ما عمله للناس ولا يظلم ربك أحدا. اهـ (1)

وقال الغزالي-رحمه الله- في ضمن كلام له مع الحنفية: فإن كان يقول المقصود معاني القرآن وتأثر القلب لا حروفه وأصواته فإنها آلات فهلا قال والمقصود من حركة اللسان تأثر القلب فلتكف القراءة بالقلب دون اللسان والمقصود من الصلاة التواضع والتعظيم وملازمة ذكر الله فليكف الجلوس مع الله تعالى على هيئة الإجلال والذكر وليترك صورة الصلاة.

وجميع ما ذكره أبو حنيفة بطلانه مظنون غير مقطوع، أما إقامة القراءة بالقلب مع ترك حركة اللسان وملازمة الذكر مع ترك الركوع والسجود وصورة الصلاة مقطوع ببطلانها بالإجماع. اهـ (2)

ثم اختلف العلماء في القدر الزائد على هذا، فهل يجب على القارئ أن يرفع صوته بالقراءة بحيث يسمع نفسه أو لا يجب عليه ذلك، وسيأتي بيان ذلك فيما بعد إن شاء الله تعالى.

قد تكلم الفقهاء على هذه المسألة في مواضع من أبواب الفقه، منها في صفة الصلاة، وفي أبواب الطهارة في قراءة الحائض والجنب شيئا من القرآن، ففرقوا بين القراءة بتحريك اللسان فمنعه من منعهما منم القراءة، وبين إمرار القرآن على القلب بدون تحريك اللسان والشفتين بذلك فأباحوه لأنه لا يعد من القراءة؛ بل هو من الذكر بالقلب.

كما إنهم قد ذكروا المسألة في موضع ثالث وذلك في كتاب الأَيمان؛ فذكروا: أن من حلف أن لا يقرأ فأمر ذلك على قلبه لم يكن قارئا فلا يحنث في يمينه، وأنه إنما يكون قارئا إذا حرك بذلك لسانه وشفتيه.

ونصوص الفقهاء على المسألة كثيرة منتشرة في الأبواب المذكورة في جميع المذاهب.

والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

..............

(1) مختصر الفتاوى المصرية ص43 - 44.

(2) نقله السبكي في طبقات الشافعية الكبرى 6/ 273.

ـ[عبدالرحمن بن فهد الودعان]ــــــــ[12 - 10 - 09, 01:18 م]ـ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:

فأشكرك أخي الفاضل سفيان العباسي على إثارة هذه المسألة؛ فهي مسألة مهمة يغفل عنها كثير من الناس، ولذلك يحصل التنبيه عليها في مخالفات الصلاة، وقد يحصل الغلط فيها ممن ينتسب إلى العلم والفهم؛ مع إنها من مسائل الاتفاق التي سُطِّرت فيها أقوال الفقهاء وانتشرت في مُدَوَّناتهم الفقهية.

وقد اتفق الفقهاء على عدم إجزاء القراءة القلبية في الصلاة، وقد نقل هذا الاتفاق غير واحد من العلماء منهم شيخ الإسلام ابن تيمية والغزالي رحمهما الله تعالى، كما إنه لم يذكر أحد من أهل العلم في المسألة خلافا فيما وقفت عليه من كتب الفقه والخلاف.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-: يجب أن يحرك لسانه بالذكر الواجب في الصلاة من القراءة ونحوها مع القدرة ومن قال إنها تصح بدونه يستتاب، ويستحب ذلك في الذكر المستحب.

والمشهور من مذهب الشافعي وأحمد أن يكون بحيث يسمع نفسه إذا لم يكن ثم مانع وفيه وجه أن تكون الحركة بالحروف.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير