تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويشهد لهذه القصة ما رواه ابن حبان في صحيحه [20] من حديث ابن عباس أيضا قال كانت تصلي خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم امرأة حسناء مِنْ أحسن الناس فكان بعض القوم يتقدم في الصف الأول لئلا يراها ويتأخر بعضهم فيكون في الصف المؤخر فكان إذا ركع نظر من تحت إبطه فأنزل الله في شأنها "ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين" [21] فهذا يدل على أن نساء الصحابة رضي الله عنهن كُنَّ يخرجن كاشفات الوجوه وبعضهن من الحُسن ما يلفت الانتباه وكذلك كُنَّ يأتين إلى المساجد كاشفات الوجوه كما جاء عند ابن حبان في صحيحه، ولم يقل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم للمرأة الوضّاءة أو الحسناء انقبعي في بيتك أو تعالي مغطية وجهك دفعا للفتنة، بل الرجال مأمورون بغض البصر لقوله تعالى:" قّل للمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ " [22] ومِنْ للتبعيض فمن ادعى أن ستر الوجه للمرأة واجب درءا للفتنة فهو مخالف لفعل الصحابيات ومخالف أيضا لفهم الصحابة خصوصا وعموما، فهذه الفتنة كانت موجودة في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما جاء في صحيح مسلم [23] وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: " ما بال أقوام إذا غزونا يتخلف أحدهم عنا له نَبِيبٌ كَنَبِيبِ التَّيْس " ففيه دليل على انه كان في ذلك الزمان أناس يتتبعون النساء بالفاحشة ومع ذلك ما أصدر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الحكم بتحريم خروج المرأة كاشفة وجهها.

ومن احتج بحديث أبي داوود الذي يرويه الزهري [24] عن نبهان مولى أمِّ سلمة أنه حدثه أن أمَّ سلمة حدثته أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وميمونة قالت: "بينما نحن عنده أقبل ابن أم مكتوم فدخل عليه وذلك بعدما أمرنا بالحجاب فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم احتجبا منه فقلت يا رسول الله أليس هو أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أوعمياوان أنتما؟ أولستما تبصرانه" وقيل أن هذا الحديث لا يصح عند أهل النقل لأن راويه عن أم سلمة نبهان مولاها وهو ممن لا يحتج بحديثه [25] وعلى تقدير صحته فإن ذلك منه عليه السلام تغليظا على أزواجه لحُرْمَتِهِنَّ وكذلك يعارضه الحديث الذي رواه البخاري أن السيدة عائشة رضي الله عنها كانت تنظر إلى الحبشة وهم يلعبون بحرابهم يوم العيد في المسجد من خلف النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويعارضه الحديث الثابت الصحيح وهو أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر فاطمة بنت قيس أن تعتد في بيت أم شريك ثم قال:" تلك امرأة يغشاها أصحابي اعتدي عند ابن أم مكتوم فانه رجل أعمى تضعين ثيابك ولا يراك، فانظر أخي الكريم كيف فرق النبي صلى الله عليه وآله وسلم بين زوجاته وباقي نساء المسلمين فإنه سمح لفاطمة بنت قيس أن تضع ثيابها عند ابن أم مكتوم في حين انه قال لزوجتيه احتجبا عنه " أخرجه أبو داود في كتاب اللباس في قول الله عز وجل:" وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن" قال أبو داود في سننه أن هذا لأزواج النبي خاصة وحديث مسلم متفق على صحته وحديث أبي داود مختلف في صحته كما قال ابن حجر العسقلاني وغيره.

قال الحافظ ابن حجر في تلخيص الحبير [26] ما نصه: " وهذا جمع حسن، وبه جمع المنذري في حواشيه، واستحسنه شيخنا " أ. هـ

ويؤيد ذلك قوله تعالى لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم:-

"لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِن بَعْدُ وَلا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ " [27] فمن أين يعجبه حسنهن إذا لم يكن هناك مجال لرؤية الوجه الذي هو مجمع محاسن المرأة باتفاق ..

وتدل النصوص والوقائع الكثيرة على أن عامة النساء في عصر النبوة لم يكنَّ منقبات إلا ما ندر، بل كُنَّ كاشفات الوجوه.

ومن ذلك ما رواه الشيخان عن سهل بن سعد أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: " يا رسول الله جئت لأهب لك نفسي فنظر إليها رسول الله صلى الله عليها وآله وسلم وصَعَّدَ فيها النظر وصَوَّبَه، ثم طأطأ رأسه فلما رأت لم يقض شيئا جلست .... " ولو لم تكن كاشفة الوجه ما استطاع النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن ينظر إليها ويطيل فيها النظر تصعيدا وتصويبا ورآها بعض الصحابة فطلب من الرسول الكريم أن يزوجها إياه.

ومن الأحاديث التي لها دلالتها هنا:-

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير