تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

النصف، فإذا كان من جميعهم إجماعا كان معلوما بذلك أن لها أن تبديَ من بدنها ما لم يكن بعورة كذلك للرجال، لأنه ما لم يكن عورة فغيرُ حرامٍ إظهاره، فإذا كان لها إظهار ذلك كان معلوما ممَّا استثناه الله تعالى ذكره بقوله:"إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا" بأن كل ذلك ظاهرٌ منها، وقوله:"وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ" [10] وهي " جمع خمار [11] يسترن بذلك شعورهن وأعناقهن وقُرُطَهُنَّ " أ. هـ والقرط: الحلق الذي يعلق في الأذن.

قال الشيخ البكري الدمياطي ما نصه [12]:" قال ابن عباس وعائشة رضي الله عنهما: هو الوجه والكفان، ولأنهما لو كانا عورة في العبادات لما وجب كشفهما في الإحرام، ولأن الحاجة تدعو إلى إبرازهما "

وقال الفخر الرازي في التفسير الكبير [13]:- (" وَقُل لِّْلمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ ... "إلى آخر الآية ما نصه:" اختلفوا في المراد بقوله تعالى:" إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ... " أما الذين حملوا الزينة على الخِلْقة فقال القفَّال:" معنى الآية إلا ما يظهره الإنسان في العادة الجارية وذلك في النساء الوجه والكفين، وفي الرَّجُل الأطراف من الوجه واليدين والرجلين، فأُمِروا بستر ما لا تؤدي الضرورة إلى كشفه ورخص لهم كشف ما اعتيد كشفه وأدت الضرورة إلى إظهاره، إذ كانت شرائع الإسلام حنيفيةً سهلةً سمحةً، ولما كان ظهور الوجه والكفين كالضروري لا جرم اتفقوا على أنهما ليسا بعورة " وهذا نقل للإجماع من القفّال وإقرار عليه من الرازي.

وقال ابن عجيبة في تفسيره البحر المديد [14]: "عند قوله تعالى " قّل للمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ ... " مِنْ للتبعيض والمراد غض البصر عما يحْرُم، والاقتصار على ما يَحِلُّ، ووجه المرأة وكفاها ليسا بعورة إلا خوف فتنة، فيحِلُّ للرجل الصالح أن يرى وجه الأجنبية من غير شهوة, وفي الموطَّأ هل تأكل المرأة مع غير ذي محرم أو مع غلامها؟ قال: مالك لا بأس بذلك، وقال عياض ليس بواجبٍ أن تستر المرأة وجهها، وإنما ذلك استحباب أو سنة لها، وعلى الرجل غض بصره ثم قال في الإكمال: ولا خلاف أن فرض ستر الوجه مما اختص به أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال أيضا عند قوله:" وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ... " إلا ما جرت العادة بإظهارها وهو الوجه والكفان إلا لخوف الفتنة وزاد أبو حنيفة والقدمين ففي ستر هذا حرج، فإن المرأة لا تجد بداً من مزاولة الأشياء بيدها، ومن الحاجة إلى كشف وجهها، خصوصاً في الشهادة والمحاكمة والنكاح، وتضطر إلى المشي في الطرقات وظهور قدميها، ولا سيما الفقيرات منهن قاله النسفي ".

فصل

الحجاب في السنة

والذي يبين المراد من الآيات السابقة وأقوال المفسرين التي توضح حد العورة ومعنى الحجاب الشرعي في حق المرأة هي الأحاديث النبوية التي تكشف المقصود من الآيات.

ومن المعلوم أن السنة جاءت مفسرةً للقرآن كاشفة للحكم، فهي المصدر الثاني من مصادر التشريع.

إذ روى الطبراني في الكبير والأوسط من حديث أسماء بنت عُميس أنها قالت:" دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على عائشة وعندها أختها أسماء وعليها ثياب شاميَّة واسعة الأكمّة، فلما نظر إليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قام فخرج، فقالت لها عائشة تنحي فقد رأى منك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمراً فكرهه فتنحت، فدخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فسألته عائشة لم قام؟ فقال ألم ترِ إلى هنَّاتِها، إنه ليس للمرأة المسلمة أن يبدو منها إلا هكذا .. وأخذ كُمَّه فغطى بها كفيه حتى لم يبدو من كفيه إلا أصابعه ثم نصب كفيه على صدغيه حتى لا يبدو إلا وجهه.

قال الحافظ الهيتمي فيه ابن لهيعة وحديثه حسن وبقية رجاله رجال الصحيح.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير