تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وجاء عند أبي داود في سننه في كتاب اللباس باب ما تبدي المرأة من زينتها أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يُرَى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه، وكذلك حديث الخثعمية الذي أخرجه البخاري [15] ومسلم [16] ومالك [17] وأبو داود والنسائي والدارقطني وأحمد من طريق ابن عباس قال:" جاءت امرأة خثعمية غداة العيد فسألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقولها يا رسول الله إن فريضة الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يثبت على راحلة أفأحج عنه قال حجي عنه قال ابن عباس وكانت شابة وضيئة فجعل الفضل ينظر إليها فأعجبه حسنها فلويَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عنق الفضل " وعند الترمذي من حديث علي [18]:" قال العباس يا رسول الله لم لويت عنق ابن عمك فقال: "رأيت شابا وشابة فلم آمن الشيطان عليهما ".

قال ابن عباس: وكان ذلك بعد آية الحجاب.

قال الحافظ ابن حجر في شرحه ما نصه [19]:" قال ابن بطال في الحديث الأمر بغض البصر خشية الفتنة ومقتضاه إذا أمنت الفتنة لا يمتنع وقال: ويؤيده انه صلى الله عليه وآله وسلم لم يُحَوِّل وجه الفضل حتى أدمن النظر إليها بإعجابه بها فخشي الفتنة عليه قال: وفيه مغالبة طباع البشر لابن آدم وضعفه عمَّا رُكِّبَ فيه من الميل إلى النساء والإعجاب بهن وفيه دليل على أن نساء المؤمنين ليس عليهن من الحجاب ما يلزم أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذ لو لزم ذلك جميع النساء لأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم الخثعمية بالاستتار ولما صرف وجه الفضل .. " ا. هـ وقال ابن حزم:" فلو كان الوجه عورة يلزم ستره لما أقرها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على كشفه بحضرة الناس، ولأمرها أن تسبل عليه من فوق ولو كان وجهها مغطى ما عرف ابن عباس أحسناء هي أم شوهاء فصَحَّ كل ما قلناه يقينا. والحمد لله كثيرا " أ. هـ

ويشهد لهذه القصة ما رواه ابن حبان في صحيحه [20] من حديث ابن عباس أيضا قال كانت تصلي خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم امرأة حسناء مِنْ أحسن الناس فكان بعض القوم يتقدم في الصف الأول لئلا يراها ويتأخر بعضهم فيكون في الصف المؤخر فكان إذا ركع نظر من تحت إبطه فأنزل الله في شأنها "ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين" [21] فهذا يدل على أن نساء الصحابة رضي الله عنهن كُنَّ يخرجن كاشفات الوجوه وبعضهن من الحُسن ما يلفت الانتباه وكذلك كُنَّ يأتين إلى المساجد كاشفات الوجوه كما جاء عند ابن حبان في صحيحه، ولم يقل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم للمرأة الوضّاءة أو الحسناء انقبعي في بيتك أو تعالي مغطية وجهك دفعا للفتنة، بل الرجال مأمورون بغض البصر لقوله تعالى:" قّل للمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ " [22] ومِنْ للتبعيض فمن ادعى أن ستر الوجه للمرأة واجب درءا للفتنة فهو مخالف لفعل الصحابيات ومخالف أيضا لفهم الصحابة خصوصا وعموما، فهذه الفتنة كانت موجودة في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما جاء في صحيح مسلم [23] وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: " ما بال أقوام إذا غزونا يتخلف أحدهم عنا له نَبِيبٌ كَنَبِيبِ التَّيْس " ففيه دليل على انه كان في ذلك الزمان أناس يتتبعون النساء بالفاحشة ومع ذلك ما أصدر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الحكم بتحريم خروج المرأة كاشفة وجهها.

ومن احتج بحديث أبي داوود الذي يرويه الزهري [24] عن نبهان مولى أمِّ سلمة أنه حدثه أن أمَّ سلمة حدثته أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وميمونة قالت: "بينما نحن عنده أقبل ابن أم مكتوم فدخل عليه وذلك بعدما أمرنا بالحجاب فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم احتجبا منه فقلت يا رسول الله أليس هو أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أوعمياوان أنتما؟ أولستما تبصرانه" وقيل أن هذا الحديث لا يصح عند أهل النقل لأن راويه عن أم سلمة نبهان مولاها وهو ممن لا يحتج بحديثه [25] وعلى تقدير صحته فإن ذلك منه عليه السلام تغليظا على أزواجه لحُرْمَتِهِنَّ وكذلك يعارضه الحديث الذي رواه البخاري أن السيدة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير