2 - أنها مستلزمة إسقاط "علم الفقه المدون" بكافة أصنافه: المتون والشروح والتفريعات وكتب القواعد والوجوه والنظائر والاستثناء والفروق.
3 - أنها تقتضي الخروج بنتائج سقيمة بسبب استقلالها الإنتاجي، بخلاف من اعتبر خلاف الفقهاء المدون، فإنه يمشي على رواسي وأعلام، والخلاصة التي يذكرها يمرِّرها على عقول وأذهان سبقته في تمحيصها، وقد يقوى بحثه فيصل إلى درجات متقدمة في الاستقراء والتتبع.
4 - أنها تفقد الفقه مرونته وثراءه؛ إذ يصير نتاج رجل بعد أن كان نتاج أمة.
وأخيراً فأرجع عمليات استئناف الفقه المعاصرة إلى ثلاثة أسباب:
السبب الأول: قصور في العلم؛ فليس لديهم من الوقت ولا من الهمة ما يكفي للنظر في فقه القدامى المدون، ولا في تكييف المسائل المعاصرة، ولا مناص لهم من تجشَّم الكلام فيها.
السبب الثاني: خطأ في المنهج، وانحراف في مسلك التلقي.
السبب الثالث، وهو خاص بأهل الأهواء؛ إذ لهم النصيب الأوفى من عمليات استئناف الفقه، فهي توافق مشربهم وتلتقي ورؤيتهم: ما أشربته قلوبهم من الهوى، فضاقت ذرعاً بمحكمات النصوص، فأرادوا الانسلاخ منها ومن تقييدات أهل العلم، ليركبوا ما تشابه منها مما كان حمَّالاً ذا وجوه، والعود على محكمات النصوص بتعريتها من مضامينها عبر السياقات التاريخية والظروف الاجتماعية، والأحوال العينية، والإملاءات المرحلية، ليستوحوا للعصر نصه الخاص اللائق به في معزل عن النص القديم الذي انقضى بأهله.
وأخيراً: فهذا موضوع يعالج نطاقاً واسعاً من النتاج الفقهي المعاصر، وهو لا يبرر بحال عمليات التقليد المتجددة في قوالب معاصرة، فقد فرغ الأئمة من التحذير من الإفتاء بالمدون في الكتب، وأن كل فتوى فهي عملية اجتهاد جديدة مستأنفة في إنزال الحكم الشرعي على الوصف المعين.
فلا للتقليد الذي يدفع إلى تجميد الحركة الفقهية، ولا إلى إسقاط علم الفقه المدوَّن وإلغائه من قاموس "المسألة الفقهية"، وما أجمل أن نسير في قواعد الفقهاء ولا نجمد، وأن نعي المستجد المعاصر فنعد للأمر عدته.
([1]) سير أعلام النبلاء (13/ 98، 99). طبقات الشافعية الكبرى (2/ 285).
الرابط الأصلي للموضوع مع تعليقات الإخوة:
http://www.mmf-4.com/vb/t3941.html#post20058
ـ[أبو عبد البر الحرزلي]ــــــــ[14 - 10 - 09, 10:21 م]ـ
بارك الله فيك، لا شك أن كلا الفريقين قد حاد عن جادة الصواب، و أن الصواب ما ذكرتم وفقكم الله.
ولعل من أهم أسباب الانحراف عن طريق السلف والأئمة المتبوعين والفقهاء المعتبيرين وانتشار الأقوال الشاذة المخالفة لما كان عليه السلف، هو غياب الاحتجاج بالآثار السلفية والفتاوى الصحابية، والاكتفاء بتطبيق القواعد الأصولية على النصوص في تقرير الأحكام الشرعية، وكل هذا مندرج تحت الشعار الكاذب (هم رجال ونحن رجال)، فأدى ذلك كما ذكرتم إلى عدم اعتبار إجماعات كانت متيقنة عند الأئمة سابقا، بل أصبحت هي المحكوم عليها بالشذوذ، وما عداها من الأقوال المحدثة هي الحق الذي لا ينبغي مخالفته، فالله المستعان.
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[19 - 10 - 09, 10:41 ص]ـ
جزاكم الله خيرا على مقالكم الفذ، وموضوعات ملتقى المذاهب الفقهية قيّمة ومتخصصة إلا أن التسجيل بها مركّب، ولونها البنّي كما قال خبراء الألوان لون الأغبياء، وملاحظات أخرى .......
بعض مشايخنا الأحياء إذا سمع أحدا يتكلّم في الفقه دون علم بالخلاف يمرض! ويلبث في فراشه مليا وقد نعوده
ـ[أبو فراس فؤاد]ــــــــ[19 - 10 - 09, 03:29 م]ـ
بارك الله فيكم جيمعاً
نريد منهم فقط أن يحددوا موقعهم من خلاف أهل العلم، وأن يحترموا هذه المدرسة الآهلة بالفقهاء أوسع علوم الشريعة بمصنفاتها ورجالها.
بالنسبة لأخي إبراهيم الجزائري فإشارتك على العين والرأس بالنسبة للون البني، أما الأسماء المركبة فلا أظن أني أطيق أن أصنع شيئا فهو قرار اتخذ، ويحمل في طياته الكثير من الجدية والمسؤولية.
ونرحب بأي ملاحظات أخي الكريم.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[22 - 10 - 09, 07:05 م]ـ
بعض مشايخنا الأحياء إذا سمع أحدا يتكلّم في الفقه دون علم بالخلاف يمرض! ويلبث في فراشه مليا وقد نعوده
أعرف من أهل العلم من يحصل له قريب من ذلك!
ولكن المهم جدا أن تنصح شيخك هذا نصيحة مشفق أن لا يدخل المنتديات على الإطلاق!!
وكذلك تنصحه أن لا يشاهد الفضائيات، ولا يقرأ الصحف ولا المجلات!
وكذلك تنصحه أن لا يطلع على كتب المعاصرين!
والله المستعان.
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[22 - 10 - 09, 07:43 م]ـ
شيخنا الموفق أبا مالك، هو يفعل قريبا من ذلك، أما النصيحة فهي للشباب الذي لم يشب، أما الشايب الذي شب فما لنا من حيلة ولا طب!
ـ[أبو معاذ الفقيه]ــــــــ[05 - 12 - 09, 07:35 ص]ـ
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم ونفع بكم على هذا المقال الموَفق بإذن الله جل وعلا، ثم إن عندي اقتراح::
فما رأي إخواني الأفاضل في أن يذكر كل منا ما وقف عليه من صور الفتاوى الحديثة التي خرجت عن الأصول العلمية إما لعدم التعمق في الفقه والوقوف على شوارده وإيتقان قواعده، وإما إعمالا للعقل مع النص، ولمذهب ""التمييع"" أعني ""التيسير"" زعمو!!!، وعندي من هذه الصورة شيء كثير، لعلي ابدأ بإذن الله بنشره، حين عودتي لمكتبتي ـ حرسها الله ـ مباشرة، أرجوا من إخواني الرد والتوجيه.
¥