تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

دمها نجسا لما جاز ذلك، ولكن لما جاز وطؤها أفاد ذلك أن دمها طاهر وليس بنجس، ومن الأدلة أيضا أن الصحابة في الحروب لم يزالوا يصلون بجراحاتهم، والدم على ثيابهم وسيوفهم، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يأمرهم بالتحرز من شيء من ذلك مما يفيد أن الدم طاهر، لا سيما من بني آدم، لأنه لو كان نجسا لأمرهم بغسله، لأن التطهر من النجاسة شرط من شروط صحة الصلاة، فلما لم يأمرهم دل على أنه طاهر، وأن الصلاة معه صحيحة، والمتقرر أن إقرار النبي صلى الله عليه وسلم حجة على الجواز، والمتقرر أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، ومن الأدلة أيضا حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما وهو حديث طويل في قصة الحارسين، المهاجري والأنصاري، اللذين بعثهما النبي صلى الله عليه وسلم لحراسة الجيش، فنام المهاجري وقام الأنصاري يصلي، وجاء مشرك فرمى الأنصاري بثلاثة أسهم، كل ذلك ينزعها وهو لا يقطع صلاته ... الحديث. وهو حديث حسن إن شاء الله تعالى، ووجه الاستشهاد به أن هذا الأنصاري قد استمر في صلاته والدماء تنزف منه، ومن المعلوم أن مثل هذا الفعل لا يخفى على النبي صلى الله عليه وسلم لأنه قائد الجيش، وهو الذي بعثهم بنفسه، فلا جرم أنه سيعلم الحادثة بكل تفاصيلها، ومع ذلك فلم ينكر على الأنصاري استمراره في الصلاة مع خروج الدم، مما يفيد أن خروج الدم لا يضر من جهتين:- من جهة أنه لا ينقض الوضوء ومن جهة أنه طاهر وليس بنجس، والله أعلم، ومن الأدلة أيضا ثبوت طهارته عن جمع من الصحابة بحسب أفعالهم، فابن عمر عصر بثرة في وجهه فخرج شيء من دمه فحكه بين أصبعيه، وصلى ولم يتوضأ، وسنده صحيح، وبزق عبدالله بن أبي أوفى دما ثم قام فصلى، وسنده حسن، وعمر حين طعن، بقي في صلاته، ولم يخرج منها إلا لما أثقلته الجراح، وأدخل أبو هريرة أصبعه في أنفه فخرج وفيها دم، ففته بأصبعه، ثم صلى ولم يتوضأ، وابن مسعود صلى وعلى بطنه فرث ودم، فلم يعد الصلاة، وسنده صحيح، ومن الأدلة أيضا أن المتقرر شرعا أن الشهيد في المعركة يدفن بثيابه وكلومه ودمائه، ولا يمسح عنه شيء منها، فلو كان الدم نجسا لأمر بغسله عنه، ولكن لما أمر بدفنه بدمه أفاد ذلك أنه طاهر، ومن الأدلة أيضا أن المتقرر أن ما عمت به البلوى وكثر، فإنه يجب على النبي صلى الله عليه وسلم أن يبينه للناس بيانا شافيا قاطعا للعذر وخروج الدم من المسائل التي تعم بها البلوى، ومما يحتاج الناس إلى معرفة الحال فيه ومع ذلك فليس في السنة فيما أعلم دليلا صحيحا صريحا يفيد وجوب غسله، إلا في الدمين اللذين ذكرتهما لك سابقا، وأعني الدم المسفوح ودم الحيض، فقط، وأما غيرهما من الدماء، فلا دليل فيها، بل الأدلة فيها تقضي أنه طاهر، ومن الأدلة أيضا حديث عائشة أنهم كانوا يأكلون اللحم والدم خطوط على القدر، وهو الدم الباقي في العروق بعد ذبح الحيوان وخروج الدم المسفوح، مما يفيد أن المحرم إنما هو الدم المسفوح، وأما النهي عن بيعه وشربه فإن النهي عن الشيء لا يستلزم أنه نجس، لأن المتقرر أنه ليس كل حرام نجس، فإن قلت:- فقد ادعى بعض أهل العلم رحمهم الله تعالى الإجماع على نجاسة الدم، والإجماع من حجج الشرع، فأقول:- نعم، هذا صحيح، ولكن حكاية الإجماع فيها نظر، وذلك لثبوت الخلاف، وما ذكرناه من الآثار عن بعض الصحابة، كاف في نقض هذه الدعوى، والله أعلم.

ـ[احمد ابو معاذ]ــــــــ[20 - 10 - 09, 06:15 م]ـ

جزاك الله خير

و سمعت من احد المشايخ في احدي الشرائط ان ابن حزم يري عدم نجاسة دم الادمي ايضا

ـ[أبو البراء القصيمي]ــــــــ[23 - 10 - 09, 05:40 م]ـ

جزاك الله خير أخي أحمد وهذا ما بحثه الشيخ حفظه الله ..

وقد أجاد كعادته في الطرح وأفاد ..

ـ[أبو البراء القصيمي]ــــــــ[08 - 12 - 09, 04:00 م]ـ

سبحان لله وبحمده سبحان الله العظيم ... يرفع للإفادة

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير