تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فإن علم الجينات يتعارض مع ما هو ثابت في الشريعة إذ أن مناط تحقيق الأنساب في علم الجينات هو الماء الرجل وليس الفراش،، لقول – رسول الله صلى الله عليه وسلم –: "الولد للفراش"، وهذا تعارض بين حكم الشرع في الأنساب وحكم علم الجينات. إذ أن هذا الأمر معروف عند الفقهاء من أوجه كثيرة. منها: قول الفقهاء بعدم ثبوت نسب الولد من الزنى، أي لا يثبت نسبه من الواطئ الزاني، ولا يلحق به بذلك. منها: لحوق الولد بالمرأة في اللعان ونفيه عن الرجل.

وقد يقول النسابون الجدد بأن الشرع أقر تحقق النسب الفردي، وقياساً عليه يجوز التحقق الجماعي للنسب.

وهذا القياس مع الفارق، فهو باطل من وجهين:

منها؛ كما إن التحقق الفردي للنسب تكلم فيه الفقهاء في أبواب الفقه الإسلامي وهما: القيافة (في كتب الجمهور) ودعوى النسب (في كتب الحنفية) حيث لا ترفع دعوى النسب إلا عند التنازع.

وقد إشترط الفقهاء القائلون بمشروعية القيافة ووجوب العمل بها شروط منا: وقوع التنازع في الولد نفياً أو إثباتاً، وعدم وجود دليل يقطع هذا التنازع، كما إذا ادعاه رجلان أو امرأتان. وكما إذا وطئ رجلان امرأة بشبهة وأمكن أن يكون الولد من أحدهما، وكل منهما ينفيه عن نفسه، أو يثبته لنفسه، فإن الترجيح يكون بقول القيافة.

وبهذا يظهر أنه لا يجوز لمن عرف نسبه بوجه من الوجوه الشرعية أن يطلب تحقيق نسبه بالنظر إلى الشبه بالقيافة.

ومع ذلك كله يرى الأستاذ الدكتور سعد الدين مسعد هلالي وهو أستاذ الفقه وأصوله – كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، جامعة الكويت، بعد ذكر شرط التحقق الفردي للنسب، قال: "أرى توجه الأفراد للتحقق من نسبهم المستقر عن طريق (البصمة الوراثية) مكروهٌ كراهة قد تبلغ التحريم".

وثم، أورد حكم التحقق الجماعي للنسب (المسح الشامل)، فقال: "إن فتح هذا الملف بلاء عظيم، وفتن خطيرة لا يحمد عقباها، لما فيه من كشف وفضح المستور، والتشكك في ذمم وأعراض الناس بغير مسوغ، ودمار لأواصر التراحم بين ذوي القربى، ونقض ما أبرمه الإسلام من استقرار.

ولا أجد أدنى شك في تحريم وتجريم مثل هذا العمل البشع مكتفياً بذكر بعض الأدلة للرد على هواجس النفس الشريرة الخبيثة" وثم سرد أدلة التحريم التحقق الجماعي للنسب (المسح الشامل).

للمزيد يُرجع للكتاب: البصمة الوراثية وعلائقها الشرعية – دراسة فقهية مقارنة ص188 وما بعدها بتصرف يسير.

وأما الوجه الآخر، إن هذه المسألة يترتب عليها أثر فقهي، كالحضانة والنفقة والميراث وثبوت النسب وغيرها، وهي أمور يجب الفصل فيها، من باب الحاجة الملحة.

كما إن من طوام هؤلاء النسابون الجدد – أو بعضهم – إنهم زعموا بأن كل من على الأرض ليسوا من ذرية نوح – عليه السلام – وهذا مخالف لما اتفق عليه العلماء كما نقل عنهم الحافظ ابن القيم، إذ قال: "أنه قد اتفق العلماء أن نوحاً لما نزل من السفينة مات من كان معه ثم مات نسلهم ولم يبق غير نسل نوح والدليل على هذا قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمْ الْبَاقِينَ} وهذا يبطل قول من قال إنه كان قبل نوح" انظر: المنار المنيف (1/ 74).

كما إن لو كانت طريقتهم صحيحة، لما كانت من الأدلة التي يحاول من خلالها أتباع نظرية داروين إثبات صحة تلك النظرية الكفرية.

منقول

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير