تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

العلماء رضي الله عنهم أجمعين. " [مجموع الفتاوى 21/ 66]

القسم الثالث: الماء المسخن، وهو إما أن يكون مسخنا بتأثير الشمس فيه، وإما أن يكون مسخنا بتأثير غيرها، فالمسخن بالشمس اختلف العلماء في حكمه على قولين:

القول الأول: جواز استعماله مطلقا من غير كراهة، سواء أكان هذا الاستعمال في البدن أم في الثوب، وبهذا قال الحنابلة وجمهور الحنفية وهو قول لبعض فقهاء المالكية والشافعية كالنووي والروياني.

القول الثاني: كراهة استعماله: وهو مذهب المالكية والشافعية وبعض الحنفية، لما روى الشافعي عن عمر رضي الله عنه أنه:" كان يكره الاغتسال بالماء المشمس، وقال: يورث البرص "

والقول الأول هو الراجح، لأن الكراهة حكم شرعي يحتاج لدليل، وما ورد عن عمر إن صح فهي كراهة طبية لا شرعية.

أما الماء المسخن بغير الشمس ففيه خلاف على قولين:

القول الأول: وهو مذهب المالكية والشافعية أن الماء المسخن بالنار لا يكره استعماله لعدم ثبوت نهي عنه ولذهاب الزهومة لقوة تأثيرها، وأضاف بعض الشافعية: ولو كان التسخين بنجاسة مغلظة.

القول الثاني: وهو مذهب الحنابلة أن الماء المسخن بالنجاسة على ثلاثة أقسام:

1 - أن يتحقق وصول شيء من أجزاء النجاسة إلى الماء فينجسه إذا كان يسيرا.

2 - ألا يتحقق وصول شيء من أجزاء النجاسة إلى الماء، والحائل غير حصين فالماء على أصل الطهارة ويكره استعماله.

3 - إذا كان الحائل حصينا، فعلى قولين بين الكراهة وعدمها.

قال شيخ الإسلام:" وأما المسخن بالنجاسة فليس بنجس باتفاق الأئمة إذا لم يحصل له ما ينجسه، وأما كراهته ففيها نزاع، لا كراهة فيه في مذهب الشافعي وأبي حنيفة ومالك وأحمد في إحدى الروايتين عنهما وكرهه مالك وأحمد في الرواية الأخرى عنهما، وهذه الكراهة لها مأخذان:

أحدهما: احتمال وصول أجزاء النجاسة إلى الماء، فيبقى مشكوكا في طهارته شكا مستندا إلى أمارة ظاهرة، فعلى هذا المأخذ متى كان بين الوقود والماء حاجز حصين كمياه الحمامات لم يكره، لأنه قد تيقن أن الماء لم تصل إليه النجاسة ....

والثاني: أن سبب الكراهة كونه سخن بإيقاد النجاسة، واستعمال النجاسة مكروه عندهم، والحاصل بالمكروه مكروه، وهذه طريقة القاضي وغيره.

فعلى هذا إنما الكراهة إذا كان التسخين حصل بالنجاسة، فأما إذا كان غالب الوقود طاهرا أو شك فيه لم تكن هذه المسألة، وأما دخان النجاسة: فهذا مبني على أصل وهو أن العين النجسة الخبيثة إذا استحالت حتى صارت طيبة كغيرها من الأعيان الطيبة - مثل أن يصير ما يقع في الملاحة من دم وميتة وخنزير ملحا طيبا كغيرها من الملح أو يصير الوقود رمادا وخرسفا وقصرملا ونحو ذلك - ففيه للعلماء قولان: أحدهما: لا يطهر، كقول الشافعي وهو أحد القولين في مذهب مالك وهو المشهور عن أصحاب أحمد وإحدى الروايتين عنه، والرواية الأخرى: أنه طاهر وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك في أحد القولين وإحدى الروايتين عن أحمد، ومذهب أهل الظاهر وغيرهم: أنها تطهر. وهذا هو الصواب المقطوع به فإن هذه الأعيان لم تتناولها نصوص التحريم لا لفظا ولا معنى ; فليست محرمة ولا في معنى المحرم فلا وجه لتحريمها بل تتناولها نصوص الحل فإنها من الطيبات، وهي أيضا في معنى ما اتفق على حله فالنص والقياس يقتضي تحليلها. " [مجموع الفتاوى 21/ 69]

القسم الرابع: الماء المختلط بطاهر، وقد اتفق الفقهاء على أن الماء إذا اختلط به شيء طاهر ولم يتغير فهو طهور، كما اتفقوا على أن الماء إذا خالطه طاهر لا يمكن الاحتراز منه كالطحلب والخز وسائر ما ينبت في الماء، وكذا أوراق الشجر الذي يسقط في الماء أو تحمله الريح فتلقيه فيه، وما تجذبه السيول من العيدان والتبن ونحوه كالكبريت وغيره فهو طهور أيضا، لأنه يشق التحرز مما سبق.

أما إذا خالطه طاهر يمكن الاحتراز عنه - كزعفران وصابون ونحوهما - فتغير به أحد أوصافه فقد اختلفوا في حكمه على قولين:

القول الأول: وهو مذهب المالكية والشافعية ورواية عن أحمد أنه طاهر غير مطهر، فيستعمل في العادات كالطبخ والشرب، ولا يستعمل في العبادات كالوضوء والغسل، واستدلوا بأنه ليس بماء مطلق، فلا يدخل في قوله تعالى {فلم تجدوا ماء}.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير