تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إن المقصر منهم في أمنيته ليتمنى مثل جميع الدنيا منذ خلقها الله إلى أن أفناها فيقول لهم الرب تبارك وتعالى: لقد قصرتم في أمانيكم ورضيتم بدون ما يحق لكم فقد أوجبت لكم ما سألتم وتمنيتم وألحقت بكم ذريتكم وزدتكم ما قصرت عنه أمانيكم. قال عبد الرحمن بن أبي ليلى: إذا تجلى لهم ربهم لا يكون ما أعطو عند ذلك بشيء. قال الحسن: إذا تجلى لأهل الجنة نسوا كل نعيم الجنة. وكان يقول: لو علم العابدون أنهم لا يرون ربهم في الآخرة لماتوا. وقال: إن أحباء الله هم الذين ورثوا طيب الحياة وذاقوا نعيمها بما وصلوا إليه من مناجاة حبيبهم وبما وجدوا من حلاوة حبه في قلوبهم لا سيما إذا خطر على بالهم ذكر مشافهته وكشف ستور الحجب عنه في المقام الأمين والسرور وأراهم جلاله وأسمعهم لذة كلامه ورد جواب ما ناجوه أيام حياتهم. أملي أن أراك يوما من الدهر فأشكو لك الهوى والغليلا وأناجيك من قرب وأبدي هذا الجوى وهذا النحولا قال وهب: لو خيرت بين الرؤية والجنة لاخترت الرؤية. رؤي بشر في المنام فسئل عن حاله وحال إخوانه فقال: تركت فلانا وفلانا ما بين يدي الله يأكلان ويشربان ويتنعمان، قيل له: فأنت، قال: علم قلة رغبتي في الطعام وأباحني النظر إليه. يا حبيب القلوب ما لي سواك ارحم اليوم مذنبا قد أتاكا أنت سؤلي ومنيتي وسروري طال شوقي متى يكون لقاكا ليس سؤلي من الجنان نعيم غير أني أريدها لأراكا قال ذو النون: ما طابت الدنيا إلا بذكره ولا طابت الآخرة إلا بعفوه ولا طابت الجنة إلا برؤيته ولو أن الله احتجب عن أهل الجنة لاستغاث أهل الجنة من الجنة كما يستغيث أهل النار من النار. كان بعض الصالحين يقول: ليت ربي جعل ثوابي من عملي نظرة إليه ثم يقول كن ترابا. كان علي بن الموفق يقول: اللهم إن كنت تعلم أني أعبدك خوفا من نارك فعذبني بها وإن كنت تعلم أني أعبدك حبا لجنتك فاحرمنيها وإن كنت تعلم أنما عبدتك حبا مني لك وشوقا إلى وجهك الكريم فأبحنيه واصنع بي ما شئت. سمع بعضهم قائلا يقول: كبرت همة عبد طمعت في أن تراكا أو ما حسبت أن ترى من رأكا ثم شهق شهقة فمات. لما غلب الشوق على قلوب المحبين استروحوا إلى مثل هذه الكلمات وما تخفي صدورهم أكبر. تجاسرت فكاشفتك لما غلب الصبر فإن عنفني الناس ففي وجهك لي عذر أبصار المحبين قد غضت من الدنيا والآخرة فلم تفتح إلا عند مشاهدة محبوبهم يوم المزيد أروح وقد ختمت على فؤادي بحبك أن يحل به سواكا فلو أني استطعت غضضت طرفي فلم أنظر به حتى أراكا أحبك لا ببعضي بل بكلي وإن لم يبق حبك لي حراكا وفي الأحباب مخصوص بوجد وآخر يدعي معي اشتراكا إذا استكبت دموعي في خدودي تبين من بكى ممن تباكا فأما من بكى فيذوب وجدا وينطق بالهوى من قد تشاكا كان سمنون المحب ينشد: وكان فؤادي خاليا قبل حبكم وكان بذكر الخلق يلهو ويمرح فلما دعا قلبي هواك أجابه فلست أراه عن فنائك يبرح رميت ببعد عنك إن كنت كاذبا وإن كنت في الدنيا بغيرك أفرح وإن كان شيء بالبلاد بأسرها إذا غبت عن عيني لعيني يملح فإن شئت واصلني وإن شئت لا تصل فلست أرى قلبي لغيرك يصلح وأما الشوق إلى لقاء الله فهو أجل مقامات العارفين في الدنيا وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو: اللهم اجعل حبك أحب الأشياء إلى وخشيتك أخوف الأشياء عندي واقطع عني حاجات الدنيا بالشوق إلى لقائك وإذا أقررت أعين أهل الدنيا من دنياهم فأقرر عيني من عبادتك. وإنما قال: من غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة؛ لأن الشوق إلى لقاء الله يستلزم محبة الموت والموت يقع تمنيه كثيرا من أهل الدنيا بوقوع الضراء المضرة في الدنيا وإن كان منهيا عنه في الشرع، ويقع من أهل الدين تمنيه لخشية الوقوع في الفتن المضلة، فسأل تمني الموت خاليا من هذين الحالين وأن يكون ناشئا عن محض محبة الله والشوق إلى لقائه وقد حصل هذا المقام لكثير من السلف قال أبو الدرداء: أحب الموت اشتياقا إلى ربي. وقال أبو عتبة الخولاني: كان إخوانكم لقاء الله أحب إليهم من الشهد. وقالت رابعة: طالت علي الأيام والليالي بالشوق إلى لقاء الله. ومكث فتح بن شخروف ثلاثين سنة لم يرفع رأسه إلى السماء ثم رفع رأسه فقال: طال شوقي إليك فعجل قدومي عليك. وكان بعضهم يقول في مناجاته: قبيح بعبد ذليل مثلي يعلم عظيما مثلك اللهم أنت تعلم أنك لو

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير