تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

خيرتني أن تكون لي الدنيا منذ خلقت أتنعم فيها حلالا لا أسأل عنها يوم القيامة وبين أن تخرج روحي الساعة لاخترت أن تخرج نفسي الساعة. قال بعض السلف: إذا ذكرت القدوم على الله كنت أشد اشتياقا إلى الموت من الظمآن الشديد ضمؤه في اليوم الحار الشديد حره إلى الشراب الشديد برده. اشتاق إليك يا قريب نائي شوق الضامي إلى زلال المائي قال الجنيد: سمعت سريا يقول: الشوق أجل مقام العارف إذا تحقق فيه وإذا تحقق بالشوق لهى عن كل ما يشغله عمن يشتاق إليه. رؤي داود الطائي في المنام على منبر عال وهو ينشد: ما نال عبد من الرحمن منزلة أعلى من الشوق إن الشوق محمود لازال المحبون يروضون أرواحهم في الدنيا حتى خرجت عن أبدان الهوى وصارت في حواصل طير الشوق فهي تسرح في رياض الأنس وترد حياض القدس ثم تأوي إلى قناديل المعرفة المعلقة في المحل الأعلى حول العرش كما قال بعض العارفين: القلوب جوالة فقلب يدور حول العرش وقلب يجول حول الحش. كلما حلت نسمات القدس من أرجاء الأنس على أغصان قلوب الأحباب تمايلت شوقا إلى ذلك الجناب. كان بعض السلف يمشي أبدا على قدميه من الشوق وكان بعضهم كأنه مخمور من غير شراب. تريحني إليك الشوق حتى أميل من اليمين إلى الشمال ويأخذني لذكركم رياح كما نشط الأسير من العقال أهل الشوق على طبقتين أحدهما من أقلقه الشوق ففني اصطباره كان أبو عبيدة الخواص يمشي ويضرب على صدره ويقول: واشوقاه إلى من يراني ولا أراه. كان داود الطائي يقول: بالليل همك عطل علي الهموم وخالف بيني وبين السهاء وشوقي إلى النظر إليك أوبق مني اللذات وخالف بيني وبين الشهوات فأنا في سجنك أيها الكريم مطلوب. أحبابي أما جفن عيني فمقروح وأما فؤادي فهو بالشوق مجروح يذكرني مر النسيم عهودكم فأزداد شوقا كلما هبت الريح أراني إذا ما أظلم الليل أشرقت بقلبي من نار الغرام مصابيح أصلي بذكراكم إذا كنت خاليا ألا إن تذكار الأحبة تسبيح الطبقة الثانية من إذا أقلقهم الشوق سكنهم الأنس بالله فاطمأنت قلوبهم بذكره وأنسوا بقربه، وهذه حال الرسول صلى الله عليه وسلم وخواص العارفين من أمته وسئل الشبلي بماذا تستريح قلوب المحبين والمشتاقين فقال: بسرورهم بمن أحبوه واشتاقوا إليه. أموت إذا ذكرتك ثم أحيا ولولا ما أؤمل ما حييت فأحيا بالمنى وأموت شوقا فكم أحيا عليك وكم أموت كانت بعض الصالحات تقول: أليس عجبا أن أكون حية بين أظهركم وفي قلبي من الاشتياق إلى ربي مثل شعل النار التي لا تطفأ. أموت اشتياقا ثم أحيا بذكركم وبين التراقي والضلوع لهيب فلا عجبا موت المشوق صبابة ولكن بقاه في الحياة عجيب هذه أحوال لا يعرفها إلامن ذاقها لا يعرف الوجد إلامن يكابده ولا الصبابة إلا من يعانيها فأما من ليس عنده منها خبر فربما لام أهلها يا عاذل المشتاق دعه فإنه لديه من الزفرات غير حشاكا لو كان قلبك قلبه ما لمته حاشاك مما عنده حاشاكا قوله صلى الله عليه وسلم: أعوذ بك اللهم أن أظلم أو أظلم أو أعتدي أو يعتدى علي أو أكتسب خطيئة محيطة أو ذنبا لا تغفره. استعاذ من أربعة أشياء أحدهما الظلم من الطرفين وهو أن يظلم غيره أو يظلمه غيره، وخرج أبو داود من حديث أم سلمة قالت: ما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيتي قط إلا رفع طرفه إلى السماء فقال: اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل أو أزل أو أزل أو أظلم أو أظلم أو أجهل أو يجهل علي. وخرجه الترمذي وصححه ولفظه: اللهم إنا نعوذ بك أن نزل أو نضل أو نظلم أو نظلم أو نجهل أو يجهل علينا. فمن سلم من ظلم غيره وسلم الناس من ظلمه فقد عوفي وعوفي الناس منه وكان بعض السلف يدعو: اللهم سلمني وسلم مني. والثاني العدوان وفرق الله بين الظلم والعدوان في قوله: يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا. وقد يفرق بين الظلم والعدوان بأن الظلم ما كان بغير حق بالكلية كأخذ مال بغير استحقاق لشيء منه وقتل نفس لا يحل قتلها وأما العدوان فهو مجاوزة الحدود وتعديها فيما أصله مباح مثل أن يكون له على أحد حق من مال أو دم أو عرض فيستوفي أكثر منه فهذا هو العدوان وهو تجاوز ما يجوز أخذه فيأخذ ما له أخذه وما ليس له

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير