تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فانفكت حلقة ثم عمل حسنة أخرى فانفكت حلقة أخرى حتى يخرج إلى الأرض. فلا يخلص العبد من ضيق الذنوب عليه وإحاطتها به إلا بالتوبة والعمل الصالح كان بعض السلف يردد هذين البيتين بالليل ويبكي بكاء شديدا ابك لذنبك طول الليل مجتهدا أن البكاء معول الأحزان لا تنس ذنبك في النهار وطوله إن الذنوب تحيط بالإنسان الرابع مما استعاذ منه الذنب الذي لا يغفر ويدخل فيه شيئان أحدهما الشرك قال الله تعالى: إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. والثاني أن يعمل العبد ذنبا لا يوفق لسبب يمحوه عنه بل يلقى الله به من غير سبب ماح له فلا يغفر له بل يعاقب عليه فإن الله إذا أحب عبدا أوقعه في ذنب له ووفقه لأسباب يمحوه عنه إما بالتوبة النصوح وفي سنن ابن ماجه عن ابن مسعود مرفوعا: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. وإما بحسنات ماحية إن الحسنات يذهبن السيئات وإما أن يبتلى بمصائب مكفرة فمن يرد الله به خيرا يصب منه ولا يزال البلاء بالمؤمن حتى يمشي على الأرض وليس عليه خطيئة، وإما أن يغفر له بشفاعة بإذن الله لمن يأذن فيها أو أنه يغفره لمجرد فضله ورحمته من غير سبب آخر فحينئذ يكون هذا الذنب مغفورا. قال بعضهم: إذا أحب الله عبدا لم يضره ذنب. ومراده أنه يمحوه عنه وربما يجعل الذنب في حقه سببا لشدة خوفه من ربه وذله وانكساره له فيكون سببا لرفع درجة ذلك العبد عنده، وإذا خذل عبدا وقضى عليه بذنب لم يوفقه لشيء من ذلك فلقي الله بذنبه من غير سبب يمحوه عنه في الدنيا ثم يؤاخذه به في الآخرة فلا يغفر له فهذا هو الذنب المستعاذ منه هاهنا. وحاصل الأمر أن من عامله الله في ذنوبه بالعدل هلك ومن عامله بالفضل نجا كما قال يحيى بن معاذ: إذا وضع عدله على عبده لم يبق له حسنة وإذا بسط فضله على عبده لم يبق له سيئة. يا ويلنا من موقف ما به أخوف من أن يعدل الحاكم يارب عفوا منك عن مذنب أسرف إلا أنه نادم قوله صلى الله عليه وسلم: اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة ذا الجلال والإكرام فإني أعهد إليك في هذه الحياة الدنيا وأشهدك وكفى بك شهيدا اني أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك لك الملك ولك الحمد وأنت على كل شيء قدير وأشهد أن محمدا عبدك ورسولك وأشهد أن وعدك حق ولقاءك حق والجنة حق والنار حق والساعة آتية لا ريب فيها وأنك تبعث من في القبور. هذا الدعاء استفتحه بقوله: اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة ذا الجلال والإكرام. وقد قال الله تعالى: قل اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون. وفي صحيح مسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستفتح صلاة الليل بقوله: اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم. وفي المسند والترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول: يا ذا الجلال والإكرام، قال له: لقد استجيب لك فسل. والمسئول في هذا الدعاء أن العبد يعهد إلى ربه في هذه الحياة الدنيا ويشهده وكفى به شهيدا أنه يشهد له بأصول الإيمان التي من وفى بها فقد نجا وهي الشهادة لله بالوحدانية وأتبعها بالشهادة له بالملك والحمد والقدرة على كل شيء والشهادة لمحمد صلى الله عليه وسلم بالعبودية والرسالة والشهادة لله بأن وعده حق ولقاءه حق وأن الجنة حق والنار حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور وقد تضمنت هذه الشهادة أصول الإيمان الخمسة فإن من شهد لمحمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة فقد شهد بما أمر محمد بالشهادة به وهو أصول الإيمان الخمسة كلها وهي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في استفتاحه صلاة الليل: أنت الحق ووعدك والحق وقولك الحق ولقاؤك حق والجنة حق والنار حق والساعة حق والنبيون حق ومحمد حق. وقد أخبر الله تعالى عن هود عليه السلام أنه قال لقومه: إني أشهد الله واشهدوا أني برىء مما تشركون من دونه. وقد وردت الأحاديث بفضل من عهد إلى ربه في الدنيا هذا العهد واستشهده على نفسه بمثل هذه الشهادة ففي سنن ابي داود عن أنس مرفوعا: من قال حين يصبح أو يمسي:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير