تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن أجل احتمال الجسم لهذا وهذا كان إطلاق لفظه نفياً وإثباتاً من البدع التي أحدثت في الإسلام قال شيخ الإسلام ابن تيمية ص 152 ج 4 من مجموع الفتاوي لابن قاسم: " لفظ التجسيم لا يوجد في كلام أحد من السلف لا نفياً ولا إثباتاً فكيف يحل أن يقال: مذهب السلف نفي التجسيم أو إثباته بلا ذكر لذلك اللفظ ولا لمعناه عنهم". وقال قبل ذلك ص 146: " وأول من ابتدع الذم بها المعتزلة الذين فارقوا جماعة المسلمين" أ. ه. يعني أن المعتزلة جعلوا من أثبت الصفات مجسماً وشنعوا عليهم بهذه الألفاظ المبتدعة ليغزوا بذلك عوام المسلمين. انتهى كلامه رحمه الله.

والقصد من هذا أن لفظ الجسم والجارحة والآلة، أدخل نفاة الصفات فيها معان صحيحة لا يجوز نفيها عن الله تعالى، ومعان أخرى يجب نفيها عن الله، يوضح ذلك الآتي:

ففي لفظ الجسم أدخلوا في معناه، أو قالوا لازم معناه أن يكون ذا صفات، فقالوا: إن إثبات الصفات: الاستواء النزول اليد العين .. يلزم من ذلك التجسيم، فقالوا: إن الله ليس جسما، وقصدهم نفي الصفات، وأدخلوا في معناه أيضا أن الجسم ما كان مركبا من أجزاء يفتقر بعضها إلى بعض، ويجوز فقد بعضها، وأنت لا تختلف معي في أن المعنى الأول الذي ذكروه للجسم لا يجوز نفيه عن الله، والمعنى الثاني الذي ذكروه يجب نفيه عن الله تعالى، فإن وافقتهم على النفي كانوا قد ظفروا منك بموافقتهم، وصار محصل قولك عندهم نفي صفات الرب جل وعلا، وإن قيل: بل نثبت أنه تعالى جسم، شغبوا على هذا القائل وأجلبوا عليه بخيلهم ورجلهم، وقالوا له: أنت تقول إن الله مركب من أعضاء وأجزاء يفتقر بعضها إلى بعض.

فكان الواجب حيال هذه الألفاظ المجملة والمحتملة (تنبه إلى أن هذا الاحتمال والإجمال قد يكون النفاة هم الذين صنعوه لتلك الألفاظ) كان الواجب حيالها أن ألفاظها لا نثبتها ولا ننفيها لأننا لا نتجاوز في هذا الباب (باب الأسماء والصفات) القرآن والسنة، كما قال الإمام أحمد رحمه الله، أما المعنى فنستفصل عنه حتى لا نكون ضحية لأُحبولة المعطلة، فنقول ماذا تقصدون بالجسم: إن عَنَيْتُم أنه ذات متصفة بالصفات، قلنا لهم هذا المعنى صحيح، وقد دلت النصوص على إثباته، وإن أردتم بمعنى الجسم أنه المركب من أجزاء يجوز فقدها مع بقاء أصلها، قلنا هذا المعنى باطل ويجب نفيه عن الله.

ومثل هذا لفظ الجارحة والآلة والعضو فإذا نفاها المعطلة كان قصدهم نفي صفة اليد وصفة العين وصفة الوجه، ونحو ذلك من الصفات الخبرية، وإذا قدر وجود من يثبتها قالوا له: أنت تقول بأن الله متبعِّض ومتجزِّئ!!

وشاهد ذلك ما قاله البيهقي في كتابه الأسماء والصفات، حيث قال:

ومنها البصير: قال الله عز وجل: (إن الله هو السميع البصير)

قال الحليمي: ومعناه المدرك للأشخاص والألوان التي يدركها المخلوقون بأبصارهم من غير أن يكون له جارحة العين ... انتهى كلامه رحمه الله.

فانظر كيف أثبت أنه بصير ثم نفى صفة العين التي دل عليها نصوص الكتاب والسنة.

فكان المَخْلَص من هذا الكمين هو الاستفصال عن معناها، إن عنوا بها صفات المولى جل وعز: صفة اليد والعين ... قلنا هذا المعنى صحيح وقد دلت النصوص على إثباته، وإن عنوا بها المعنى الثاني أن من كان متصفا بالجارحة والآلة والعضو جاز عليه التبعض والتجزؤ، قلنا له هذا المعنى باطل ويجب تنزيه الله جل وعلا عنه، وأما إطلاق ألفاظها فلم يرد في الكتاب ولا في السنة نفيها ولا إثباتها عن الله سبحانه، فكان الواجب الوقوف على ما وَقَفَنا عليه الشارع، (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا).

ولو قُدِّر أو سُلِّم أن هذه الألفاظ لا تحتمل إلا معانٍ ناقصة وباطلة، فإن تفصيل النفي فيها ليست طريقة الكتاب العزيز، بل عامة نصوصه يأتي فيها النفي مجملا (ليس كمثله شيء) (هل تعلم له سميا) (ولم يكن له كفوا أحد)، وما جاء بخلاف ذلك فهو قليل ليس هذا محل الكلام عليه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير