تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال شارح الطحاوية ابن أبي العز رحمه الله: ولهذا يأتي الإثبات للصفات في كتاب الله مفصلا، والنفي مجملا، عكس طريقة أهل الكلام المذموم: فإنهم يأتون بالنفي المفصل والإثبات المجمل، يقولون: ليس بجسم، ولا شبح، ولا جثة، ولا صورة، ولا دم، ولا لحم، ولا شخص، ولا جوهر، ولا عرض، ولا لون، ولا رائحة، ولا طعم، ولا بجثة، ولا بذي حرارة، ولا برودة، ولا رطوبة، ولا يبوسة، ولا طول، ولا عرض، ولا عمق، ولا اجتماع، ولا افتراق، ولا يتحرك، ولا يسكن، ولا يتبعض، وليس بذي أبعاض وأجزاء وجوارح وأعضاء، وليس بذي جهات، ولا بذي يمين ولا شمال وأمام وخلف وفوق وتحت، ولا يحيط به مكان ولا يجري عليه زمان، ولا يجوز عليه المماسة ولا العزلة ولا الحلول في الأماكن، ولا يوصف بشيء من صفات الخلق الدالة على حدوثهم، ولا يوصف بأنه متناه، ولا يوصف بمساحة، ولا ذهاب في الجهات، وليس بمحدود، ولا والد ولا مولود، ولا تحيط به الأقدار، ولا تحجبه الأستار إلى آخر ما نقله أبو الحسن الأشعري - رحمه الله - عن المعتزلة.

وفي هذه الجملة حق وباطل، ويظهر ذلك لمن يعرف الكتاب والسنة. وهذا النفي المحدد مع كونه لا مدح فيه، فيه إساءة أدب، فإنك لو قلت للسلطان: أنت لست بزبال ولا كساح ولا حجام ولا حائك! لأدبك على هذا الوصف وإن كنت صادقا، وإنما تكون مادحا إذا أجملت النفي فقلت: أنت لست مثل أحد من رعيتك، أنت أعلى منهم وأشرف وأجل، فإذا أجملت في النفي أجملت في الأدب.

والتعبير عن الحق بالألفاظ الشرعية النبوية الإلهية هو سبيل أهل السنة والجماعة. والمعطلة يعرضون عما قاله الشارع من الأسماء والصفات، ولا يتدبرون معانيها، ويجعلون ما ابتدعوه من المعاني والألفاظ هو المحكم الذي يجب اعتقاده واعتماده، وأما أهل الحق والسنة والإيمان فيجعلون ما قاله الله ورسوله هو الحق الذي يجب اعتقاده واعتماده. والذي قاله هؤلاء إما أن يعرضوا عنه إعراضا جمليا، أو يبينوا حاله تفصيلا، ويحكم عليه بالكتاب والسنة، لا يحكم به على الكتاب والسنة. انتهى كلامه رحمه الله.

وهذا هو معنى قولك يا أبا فارس (وفي الكتاب والسنة من أوصاف الله عز وجل ما يغني الجميع عن الإتيان بألفاظ وتعابير جديدة قد تتفق أو تخالف مراد الله وحقيقة الله سبحانه)

نعم حفظك الله لفظ آلة وجارحة وجسم قد أغنانا الله عن ألفاظها، أما معانيها أو ما أدخل في معانيها، فنستفصل كما سبق، وكما قلتَ أنت:

(وبالنسبة لما تفضلت .. إذا كان يقصد أن الله لا يحتاج إلى أعضاء وجوارح كحاجة المخلوقات إلى أعضاء وجوارح لإدراك المسموعات والمرئيات والمحسوسات .. هل أنكر عليه هذا؟)

ها أنت قد استفصلت، وهذا جيد.

وأما قولك (لا أعرف تفاصيل الاختلافات بين السلف في قضايا الصفات)

فاعلم أن السلف لم يختلفوا في قضايا الصفات بل أمرهم واحد، وإنما الذي أحدث الشقاق والزندقة والنفاق تلميذ اليهود الجعد بن درهم ثم الجهم بن صفوان ثم تلقف هذه المقالة المعتزلة، ومن بعدهم الكلابية ثم الأشعرية فالماتريدية.

وقولك (لا أنتصر لفريق أو مذهب .. وإنما أريد ما تطمئن له النفس وما يرضي الله)

ما تطمئن له النفس هو الكتاب والسنة وخير من فهم الكتاب والسنة هم الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم ثم يجيء أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادة» متفق عليه من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. فما معنى الخيرية إلا خيرية العلم والعمل. وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: فارض لنفسك بما رضي به القوم لأنفسهم، فإنهم على علم وقفوا، وببصر نافذ قد كفوا وهم كانوا على كشف الأمور أقوى، وبفضل كانوا فيه أحرى. انتهى كلامه. بل الواجب عليك يا أخي التمسك بما جاء عن السلف، ما أجمعوا عليه الزم غرزه، وما اختلفوا فيه، فالحق لا يخرج عن أقوالهم.

والله أعلى وأعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

ـ[أبو فارس المصباحي]ــــــــ[26 - 11 - 09, 08:24 م]ـ

الله يحييك بالإيمان والعمل الصالح.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير