تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أخرى معروفة في كتب الطب فإذا أتى له تصرف تصرفا غير سليم فيقول الناس به مس أو مسحور فأنت ترى أنهم يرجعون السحر إلى تمويه وإما إلى مواطئة وأما إلى سعيي ونميمة وإما إلى احتيال ولا يرون الساحر يقدر على شيء مما يثبته له الآخرون من التأثير في الأجسام ومن قطع المسافات البعيدة في الزمن اليسير. قال الجصاص: وحكمة كافية تبين لك أن هذا كله مغالط وحيل لا حقيقة كما يدعون أن الساحر والمعزم لو قدروا على ما يدعيانه من النفع والضرر وأمكنهما الطيران والعلم بالغيوب وأخبار البلدان النائية والغيبيات والسرقة والأضرار بالناس من غير الوجوه التي ذكرنا لقدروا على إزالة الممالك و استخراج الكنوز والغلبة على البلدان بقتل الملوك بحيث لا يناله مكروه و لاستغنوا عن الطلب لما في أيدي الناس فإذا لم يكن كذالك وكان المدعون لذ لك أسوء الناس حال وأكثرهم طمعا واحتيال وتوصلا لأخذ دراهم الناس وأكثرهم فقرا وإملاقا علمت أنهم لا يقدرون على شيء من ذلك. أدلة المعتزلة وبعض أهل السنة: استدل المعتزلة وبعض أهل السنة على أن السحر ليس له حقيقة: • قوله تعالى: «وسحروا أعين الناس و استرهبوهم» الأعراف 116. • قوله تعالى: «يخيل لهم من سحرهم أنها تسعى» طه 66. • قوله تعالى: «ولا يفلح الساحر حيث أتى» طه 69. • فالآية الأولى تدل على أن السحر إنما كان للأعين فقط • والآية الثانية تؤكد أن هذا السحر كان تخيلا لا حقيقة. • و الآية الثالثة تثبت أن الساحر لا يمكن أن يكون على حق لنفي الفلاح عنه. و قالوا لو يقدر الساحر أن يمشي على الماء أو يطير في الهواء أو يقلب التراب إلى ذهب على الحقيقة لبطل التصديق بمعجزات الأنبياء و الرسل و لاختلط الحق بالباطل فلم يعد يعرف الذي من الساحر لأنه لا فرق بين معجزات الأنبياء و فعل السحرة و أنه جميعه من نوع واحد. أدلة الجمهور: • استدل الجمهور من العلماء على أن السحر له حقيقة و له تأثير بعدة أدلة و نوجزها فيما يلي: 1. قوله تعالى: «سحروا أعين الناس و استرهبوهم». 2.: «فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء و زوجه». 3.: «و ما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله» البقرة 102. 4.: «و من شر النفاثات في العقد». • فالآية الأولى دلت على إثبات حقيقة السحر بدليل: «و جاءوا بسحر عظيم • و الآية الثانية أثبتت أن السحر كان حقيقيا حيث أمكنهم بواسطته أن يفرقوا بين المرء و زوجه، و أن يوقعوا العداوة و البغضاء بين الزوجين فدلت على أثره و حقيقته. • و الآية الثالثة أثبتت الضرر بالسحر و لكنه متعلق بمشيئة الله. • و الآية الرابعة دلت على عظيم أثر السحر حتى أمرنا أن نتعوذ بالله من شر السحرة الذين ينفثون في العقد. 5. و استدلوا بما روي ن يهوديا سحر النبي – صلى الله عليه و سلم – فاشتكى لذلك فأتاه جبريل، و قال له إن رجلا من اليهود سحرك، عقد لك عقدا في بئر فأرسل عليا فاستخرجها فحلها فقام قائما فكأنما نشط من عقاله. الترجيح: • و من استعراض الأدلة نرى ما ذهب إليه الجمهور أقوى دليلا فإن السحر له حقيقة و له تأثير على النفس، فإن إلقاء البغضاء بين الزوجين و التفرقة بين المرء زوجه ليس له أثر إلا من آثار السحر و لو لم يكن للسحر تأثير لما أمر القرن بالتعوذ من شر النفاثات في العقد و لكن كثيرا ما يكون هذا السحر بالاستعانة بأرواح الشياطين فنحن نقر بأن له أثر و ضرر و لكن أثره و ضرره لا يصل إلى الشخص إلا بإذن الله بسبب من الأسباب الظاهرة التي تتوقف على مشيئة مسبب الأسباب رب العالمين جل و علا. • و أما استدلاله بأنه يلمس أمرين (المعجزة و السحرة) إذا أثبتنا للسحرة ذلك فنقول أن الفرق بينهما واضح فإن معجزات الأنبياء عليهم السلام هي على حقائقها و ظاهرها كباطنها و كلما تأملنا وجدنا بصيرة في صحتها، و أما لسحر فظاهره غير باطنه و صورته غير حقيقته، يعرف ذلك بالتأمل البحث ولهذا أثبت القرآن الكريم للسحرة أنهم استرهبوا الناس و جاءوا بسحر عظيم مع إثبات أن ما جاءوا به إنما عن طريق التمويه و الخيل. قال العلامة القرطبي: المسألة الثامنة: لا يذكر أن يظهر على يد الساحر خرق لعادات بما ليس في مقدور البشر من مرض و تفريق و زوال عقل و تعويج عضو إلى غير ذلك مما قام الدليل على استحالة كونه من مقدورات

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير