تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

البشر. قالوا: و لا يبعد في السحر أن ستدق اسم الساحر حتى يلد (يتولد) في الكواة و الخوخة و الانتصاب على رأس قصبة و الجري على خيط مستدق و الطيران في الهواء و المشي على الماء و ركوب كلب و غير ذلك، و مع ذلك فلا يكون السحر موجبا لذلك و لا علة لوقوعه و لا سببا مولدا و لا يكون الساحر مستقلا به و إنما يخلق الله تعالى هذه الأشياء و يحدثها عند وجود السحر كما يخلق الشبع عند الأكل و الري عند شرب الماء. المسألة التاسعة: ثم قال: قد أجمع المسلمون على أنه ليس في السحر ما يفعل الله عنده من إنزال الجراد و القمل و الضفادع و فصل البحر و قلب العصي و إحياء الموتى و إنطاق العجماء (أنطقها موسى عله السلام)، و أمثال ذلك عظيم آيات الرسل عليهم السلام، فهذا و نحوه مما يوجب القطع بأنه لا يكون و لا يفعله الله عند إرادة السحر. و قال أبو حيان: و اختلف في حقيقة السحر على أقوال: 1. أنه قلب للأعيان و اختراعها مما يشبه المعجزات و الكرامات كالطيران و قطع المسافات في ليلة. 2. أنه خدع و تمويهات و شعوذة لا حقيقة لها، و هو قول المعتزلة. 3. أنه أمر يؤخذ بالعين على جهة الحيلة كما فعل سحرة فرعون حيث كانت حبالهم و عصيهم مملوءة زئبقا فدروا تحتها النار فحميت الحبال و العصي فتحركت و سعت. 4. أنه نوع من خدمة الجن و الاستعانة بهم و هم الذين استخرجوهم من جنس لطيف فلطف و دق و خفي. 5. نه مركب من أجسام تجمع و تحرق و يتلى عليها أسماء و عزائم ثم تستعمل في أمر السحر. 6. أن أصله طليسمات تبنى على تأثير خصائص الكواكب أو استخدام الشياطين لتسهيل ما عسر. 7. أنه مركب من كلمات ممزوجة بكفر و قد ضم إليها أنواع من الشعبذة و المرنيدجيات أو النيجيات و العزائم و ما يجري مجرى ذلك ثم قال: و أما في زماننا الآن فكلما وقفنا عليه في الكتب فهو كذب و افتراء و لا يترتب عليه شيء و لا يصح منه البتة و كذلك العزائم و ضرب المندل و الناس يصدقون بهذه الأشياء و يصغون إلى سماعها. هل يباح تعلم السحر؟ • ذهب بعض العلماء إلى أن تعلم السحر مباح بدليل تعليم الملائكة السحر للناس كما حكاه القرآن الكريم عنهم و إلى هذا الرأي ذهب الفخر الرازي من علماء أهل السنة. • و ذهب الجمهور إلى حرمة تعلم السحر أو تعليمه لأن القرآن الكريم قد ذكره في معرض الذم و بين أنه كفر، فكيف يكون حلالا، كما أن الرسول – صلى الله عليه و سلم – عده من الكبائر الموبقات كما في الحديث الصحيح و هو قوله – صلى الله عليه و سلم -: «اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: و ما هن يا رسول الله، قال: الشرك بالله و السحر و قتل النفس التي حر الله إلا بالحق و أكل الربا و أكل مال اليتيم و التولي يوم الزحف و قذف المحصنات المؤمنات». • قال الألوسي: و قيل أن تعلمه مباح و إليه مال الرازي قائلا: اتفق المحققون على أن العلم بالسحر ليس بقبيح و لا محضور لأن العلم لذاته شريف لعموم قوله تعالى: «هل يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون» و لو لم يعرف السحر لما أمكنه الفرق بينه و بين المعجزات، فكيف يكون تعلمه حراما و قبيحا، و نقل بعضهم وجوب تعلمه على المفتي حتى يعلم ما يقتل به و مالا يقتل به فيفتي به في وجوب القصاص، ثم قال الألوسي: و الحق عندي الحرمة تبعا للجمهور إلا لداع شرعي. • و بما قاله الإمام الرازي – رحمه الله – أما: 1. لأن لا ندعي أنه قبيح لذاته و إنما قبيحه باختبار يترتب عله فتحريمه من باب سد الذرائع و كم من أمر حرم لذلك. 2. لأن توقف الفرق بينه و بين المعجزات على العلم به ممنوع، أما ترى أن كل العلماء عرفوا الفرق بينهما و لم يعرفوا علم السحر و لو كان تعلمه واجبا لرأيت أعلم الناس به الصدر الأول. 3. لأن ما نقل عن بعضهم غير صحيح لأن إفتاء المفتي بوجوب القود (الدية) أو عدمه لا يستلزم معرفة علم السحر لأن صورة إفتائه على ما ذكر العلامة ابن حجر إن شهد على ما عرف السحر و تاب منه أنه يقتل غالبا، قتل الساحر و إلا لم يقتل. • قال أبو حيان: و أما حكم السحر فما كان منه يعظم به غير الله من الكواكب و الشياطين و إضافة ما يحدثه الله إليها فهو كفر إجماعا، لا يحل تعلمه و لا العمل به و كذا ما فاد بتعلمه سفك الدماء و التفريق بن الزوجين و الأصدقاء. و أما إذا كان يعلم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير