تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما بعد: فقد قال الله تعالى: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}. وقال عز وجل: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله}. وقال الرسول الكريم صلوات ربي وسلامه عليه: "خذوا عني مناسككم" رواه البيهقي. وقال: "صلوا كما رأيتموني أصلي" رواه البخاري. وقد درج المسلمون على ذلك قرونا طويلة يلتزمون بكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتمسكون به في صلواتهم ومناسكهم وغير ذلك، ومن ذلك السعي في الحج بين الصفا والمروة تكلم فيه العلماء من المذاهب الأربعة وبينوا كيفيته ووقته ومكانه وطول المسعى وعرضه وماذا يدخل فيه وماذا يخرج عنه وتوارث ذلك المسلمون جيلا عن جيل. وقد حدث في هذا الزمن حادث يهدد بإدخال الفساد على حج الناس وهذا خطب جليل وهو أن بعض الموسومين بالعلم ادعى أنه يجوز زيادة عرض المسعى لأجل المصلحة وضيق المكان بالناس بحيث يسعى الساعي خارج حدوده وادعى أن الصورة الجيولوجية للأرض هناك أظهرت اتساع قاعدة جبل الصفا وجبل المروة عما يظهر منهما.

ومن المعلوم عند كل من له إلمام بالسنة الشريفة والسيرة الطاهرة أن النبي قد سمى ما ظهر من الجبلين الصفا والمروة وجعل السعي بين ما ظهر منهما وكلامه عليه الصلاة والسلام جار على سنن اللغة العربية. والعرب لم يكونوا يطلقون الجبل على ما تحت الأرض كما هو معلوم مشهور. وأما الزحمة فلا تبيح تغيير المنسك ولا تبديله وقد يزدحم الناس في الصلاة بحيث لا يستطيعون السجود مع الإمام فهل يبيح ذلك لهم تعمد الانحراف عن القبلة ليسجدوا إلى غير القبلة. وهل قال ذلك أحد من الأئمة أو أنهم تكلموا في المسئلة مراعين حكم الشرع والمصلحة في ءان. وهكذا أمر السعي كم قد حج منا في السنين الأخيرة ولم يجد مانعا له من إتمام سعيه على ما هو المسعى عليه الآن وما المانع من أن يسعى الناس دفعة بعد دفعة لا سيما مع اتساع وقت السعي؟ وما المانع من بناء طابق فوق طابق لذلك كما فعلوا للطواف حول الكعبة فيتم الحاج نسكه على وجهه من غير إدخال فساد عليه؟ أما ابتداع مكان جديد للسعي تحت ذريعة الزحمة أو ما شابه فهو خروج عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبديل لما جاء به وقد قال ربنا تبارك وتعالى: {فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم}.

قال النووي في المجموع، كتاب الحج، باب صفة الحج والعمرة، السعي ركن من أركان الحج، فرع السعي في غير موضع السعي:

(فرع) قال الشافعي والأصحاب:لا يجوز السعي في غير موضع السعي، فلو مر وراء موضع السعي في زقاق العطارين أو غيره لم يصح سعيه؛ لأن السعي مختص بمكان فلا يجوز فعله في غيره كالطواف. قال أبو علي البندنيجي في كتابه الجامع: موضع السعي بطن الوادي. قال الشافعي في القديم: فإن التوى شيئا يسيرا أجزأه. وإن عدل حتى يفارق الوادي المؤدي إلى زقاق العطارين لم يجز وكذا قال الدارمي: إن التوى في السعي يسيرا جاز، وإن دخل المسجد أو زقاق العطارين فلا، والله أعلم.اهـ.

والله تعالى أعلم، إليه المرجع والمآب وهو نعم المولى ونعم الوكيل. (33)

التاسع والعشرون: الشيخ الأستاذ الدكتور ناصر بن سليمان العمر

المشرف العام لوقع المسلم على الشبكة الدولية

حيث قال: صدرت فتوى المشايخ وعلى رأسهم مفتي الديار السعودية الأسبق العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ بأن المسعى إبان التوسعة السعودية عام 1375 قد أستغرق حدود المسعى المشروعة، وقريباً من ذلك الوقت "قد جرى ذرع عرض الصفا ابتداء من الطرف الغربي للصخرات إلى نهاية محاذاة الطرف الشرقي للصخرات المذكورة في مسامتة موضع العقود القديمة، فظهر أن العرض المذكور يبلغ ستة عشر مترًا" [من فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم]، وفي ذلك العهد كانت "الصخرات المذكورة لاتزال موجودة .. وبادية للعيان" [السابق].

واليوم جراء اجتهادات وشهادات معاصرة على أحداث بعيدة مضى عليها أكثر من نصف قرن سوغ بعض أهل العلم توسعة المسعى، خلافاً لجمهور هيئة كبار العلماء، وعلماء اللجنة الدائمة للإفتاء؛ جهة الفتوى الرسمية في البلاد.

وتذرعاً بتلك الاجتهادات أغلق المسعى الشرعي بإجماع العلماء، وشرع المسعى الجديد المختلف فيه لسعي الناس، وليست تلك هي القضية!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير