من الثوب , غير معلوم - النضح , ثبت بذلك أن حكمه , كان عندها , بخلاف سائر النجاسات. وقد اختلف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك , فروي عنهم في ذلك , ما حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال: ثنا سعيد قال: ثنا هشيم , قال أنا حصين , عن مصعب بن سعد , عن أبيه , أنه كان يفرك الجنابة من ثوبه. فهذا يحتمل أن يكون , كان يفعل ذلك لأنه - عنده - طاهر. ويحتمل أن يكون كان يفعل ذلك كما يفعل بالروث المحكوم من النعل لا لأنه - عنده - طاهر. حدثنا يونس قال: أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن هشام بن عروة عن أبيه , عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب أنه اعتمر مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه في ركب , فيهم عمرو بن العاص , وأن عمر عرس ببعض الطريق , قريبا من بعض المياه. فاحتلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد كاد أن يصبح , فلم يجد ماء في الركب , فركب حتى جاء الماء , فجعل يغسل ما رأى من الاحتلام , حتى أسفر. فقال له عمرو: أصبحت , ومعنا ثياب , فدع ثوبك , فقال عمر: بل أغسل ما رأيت وأنضح ما لم أره. حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن هشام بن عروة عن أبيه عن زيد بن الصلت أنه قال: خرجت مع عمر بن الخطاب إلى الجرف فنظر , فإذا هو قد احتلم ولم يغتسل فقال: والله ما أراني إلا قد احتلمت , وما شعرت , وصليت وما اغتسلت , فاغتسل , وغسل ما رأى في ثوبه ونضح ما لم يره. فأما ما روى يحيى بن عبد الرحمن عن عمر , فهو يدل على أن عمر فعل ما لا بد له منه , لضيق وقت الصلاة ولم ينكر ذلك عليه أحد ممن كان معه , فدل ذلك على متابعتهم إياه على ما رأى من ذلك. وأما قوله " وأنضح ما لم أره بالماء " فإن ذلك يحتمل أن يكون أراد به " وأنضح ما لم أر مما أتوهم أنه أصابه , ولا أتيقن ذلك " حتى يقطع ذلك عنه الشك فيما يستأنف ويقول: هذا البلل من الماء. حدثنا أبو بكرة قال: ثنا أبو الوليد , قال: ثنا عبد الله بن المبارك , عن معمر , عن الزهري , عن طلحة بن عبد الله , عن أبي هريرة قال - في المني يصيب الثوب - " إن رأيته فاغسله , وإلا فاغسل الثوب كله ". فهذا يدل على أنه قد كان يراه نجسا. حدثنا حسين بن نصر قال: ثنا أبو نعيم قال: ثنا سفيان عن حبيب , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس رضي الله عنه قال " امسحوا بإذخر ". فهذا يدل على أنه قد كان يراه طاهرا. حدثنا سليمان بن شعيب قال: ثنا عبد الرحمن , قال: ثنا شعبة , عن عمرو بن دينار , عن عطاء , عن ابن عباس رضي الله عنه , نحوه. حدثنا أبو بكرة قال: ثنا إبراهيم بن بشار قال: ثنا سفيان , عن مسعر , عن جبلة بن سحيم قال: سألت ابن عمر عن المني يصيب الثوب قال " انضحه بالماء ". فقد يجوز أن يكون أراد بالنضح , الغسل , لأن النضح قد يسمى غسلا , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {إني لأعرف مدينة ينضح البحر بجانبها} يعني يضرب البحر بجانبها. ويحتمل أن يكون ابن عمر , أراد غير ذلك. حدثنا أبو بكرة قال: ثنا أبو الوليد قال: ثنا أبو عوانة , عن عبد الملك بن عمير قال: سئل جابر بن سمرة وأنا عنده , عن الرجل يصلي في الثوب الذي يجامع فيه أهله , قال: صل فيه , إلا أن ترى فيه شيئا فتغسله ولا تنضحه , فإن النضح لا يزيده إلا شرا. حدثنا أبو بكرة قال: ثنا الوليد قال: ثنا السري بن يحيى , عن عبد الكريم بن رشيد , قال: سئل أنس بن مالك عن قطيفة أصابتها جنابة لا يدري أين موضعها , قال: اغسلها. قال أبو جعفر: فلما اختلف فيه هذا الاختلاف , ولم يكن فيما رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم دليل على حكمه كيف هو؟ اعتبرنا ذلك من طريق النظر , فوجدنا خروج المني حدثا أغلظ الأحداث , لأنه يوجب أكبر الطهارات. فأردنا أن ننظر في الأشياء التي خروجها حدث كيف حكمها في نفسها؟. فرأينا الغائط والبول , خروجهما حدث , وهما نجسان في أنفسهما. وكذلك دم الحيض والاستحاضة , هما حدث , وهما نجسان في أنفسهما , ودم العروق كذلك في النظر. فلما ثبت بما ذكرنا أن كل ما كان خروجه حدثا , فهو نجس في نفسه , وقد ثبت أن خروج المني حدث , ثبت أيضا أنه في نفسه نجس. فهذا هو النظر فيه , غير أنا اتبعنا في إباحة حكمه - إذا كان يابسا - ما روي في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا قول أبي حنيفة , وأبي يوسف , ومحمد , رحمهم الله
¥