تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعليه يظهر مبالغة أبي الحسن التسولي رحمه الله في الانتصار لتقديم المشهور في المذهب المالكي على الراجح حتى أنه قال:" المقلد لا يعدل عن المشهور وإن صح مقابله، وأنه لا يطرح نص إمامه للحديث، وإن قال إمامه وغيره بصحته! " 24.

وفي هذا النص دعوى للتساهل في الفتوى، وفتح لباب التعصب المقيت مع أنه " لا يجوز التعصب إلى المذاهب بالانتصاب للانتصار بوضع الحجاج وتقريبها على الطرق الجدلية، مع اعتقاد الخطأ أو المرجوحية عند المجيب كما يفعله أهل الخلاف إلا على وجه التدريب على نصب الأدلة، والتعلم لسلوك الطريق بعد بيان ما هو الحق، فالحق أعلى من أن يعلى عليه، وأغلب من أن يغلب " كما قال المقري المالكي رحمه الله 25.

وقال بوطليحية في نظم المعتمد من الكتب والفتوى على مذهب المالكية:

ولم يجز تساهل في الفتوى****بل تحرم الفتوى بغير الأقوى

قال ابن فرحون المالكي رحمه الله:" واعلم أنه لا يجوز للمفتي أن يتساهل في الفتوى، ومن عرف بذلك لم يجز أن يستفتى وكذلك الحاكم (أي القاضي) " 26.

إذن التحقيق المعتمد تقديم الراجح (وهو الذي قوي دليله) على المشهور (وهو من كثر قائله) عند التعارض عند المالكية رحمهم الله، وإليكم بعض التطبيقات والأمثلة التي تخص ذلك:

* مسألة تحية المسجد وقت خطبة الجمعة:

المشهور من مذهب مالك رحمه الله أن تحية المسجد لا تجوز وقت الخطبة، وعليه عول خليل رحمه الله في مختصره عاطفا على المحرمات قائلا:" وابتداء صلاة بخروجه وإن لداخل " مواهب الجليل 2/ 179، وانظر المدونة 2/ 274.

وقد نقل ابن شاش وأبو بكر بن العربي القول بجواز تحية المسجد وقت الخطبة عن محمد بن الحسن عن مالك27، واختاره السيوري المالكي من شيوخ المذهب انظر مواهب الجليل 2/ 179.

قال النفراوي المالكي رحمه الله:" ما ذكرناه من حرمة الصلاة بعد خروج الخطيب ولو للداخل هو مشهور المذهب ومقابله جواز إحرامه ولو حال الخطبة، وعليه السيوري من علمائنا28" الفواكه الدواني 1/ 412.

وعليه فالراجح في المذهب القول بالمشروعية لدلالة الحديث بصراحة 29على ذلك وهو حديث سليك رضي الله عنه من رواية جابر رضي الله عنه قال:" دخل رجل يوم الجمعة ورسول الله عليه الصلاة والسلام يخطب، فقال: صليت؟ قال: لا، قال: فصل ركعتين "رواه الجماعة.

والقول بأن هذا الحديث خاص بسليك رضي الله عنه وعليه فهو إذن واقعة عين لا عموم لها تكلف وتحكم لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، و " الخصائص لا تثبث بالاحتمال " كما قال الحافظ في الفتح 1/ 245، ولذا قرر العلماء أن القول بالخصوصية في المسائل تحتاج إلى دليل لا مجرد دعوى انظر الجامع لأحكام القرآن 3/ 193 للإمام القرطبي المالكي رحمه الله 30.

* مسألة القبض والسدل في الصلاة:

جاء في المدونة 1/ 74:" وقال مالك في وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة قال 31: لا أعرف ذلك في الفريضة ولكن في النوافل إذا طال القيام فلا بأس بذلك يعين به على نفسه ".

وعلى مذهب المدونة جرى غير واحد من المالكية كابن عاشر رحمه الله في منظومته الشهيرة:

ردا وتسبيح السجود والركوع **** سدل يد تكبيره مع الشروع

فقيل أن القول بالسدل عند السادة المالكية هو مشهور مذهبهم لأجل ذلك.

قال أبو بكر بن العربي المالكي رحمه الله:" اختلف في ذلك علمائنا على ثلاثة أقوال، الأول: لا توضع في فريضة ولا نافلة ... الثاني: أنه لا يفعلها في الفريضة، ويفعلها في النافلة ... الثالث: يفعلها في الفريضة وفي النافلة، وهو الصحيح، روى مسلم عن وائل بن حجر أنه رأى النبي عليه الصلاة والسلام يرفع يديه عندما دخل في الصلاة حيال أذنيه، ثم التحف بثوبه، ثم وضع يده اليمنى على اليسرى " أحكام القرآن 4/ 1978.

وعليه فالقول الراجح الذي دل عليه الدليل في المذهب القول بمشروعية القبض في صلاة الفرض والنفل حتى قال الباجي المالكي رحمه الله:" وأما وضع اليمنى على اليسرى فقد أسند عن النبي عليه الصلاة والسلام من طرق صحاح .. " المنتقى 1/ 281.

بل قال ابن عزوز المالكي رحمه الله بعد تقرير المشروعية:" وقد أسلفنا ما لا مزيد عليه وبذلك تعرف أنه لم يبق في يد صاحب السدل قوة دليل ولا كثرة قائل 32 وقد حصحص الحق لمن كان له تثبت وذوق عند طلب حقائق المسائل " هيئة الناسك في أن القبض في الصلاة هو مذهب الإمام مالك 134.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير