فكما أن المصلي في صلاته يكون في خشوع وسكينة، فكذلك يأتي اليها على نفس الهيئة، حتى يفرغ قلبه مما سوى الله عز وجل، وتهدأ جوارحه استعداداً لأفعال الصلاة.
المسألة الثانية:
مبادرة المسبوق بالدخول في الصّلاة:
بيدأ المسبوق -الذي دخل المسجد والإمام يصلى- بالدخول في صلاة الفرض -أي الجماعة- مباشرة، وبذلك أفتى الإمام عبد العزيز بن باز -رحمه الله تعالى- فقال:
"لا يجوز لمن دخل المسجد وقد أقيمت الصلاة أن يصلي راتبة أو تحية المسجد، بل يجب عليه أن يدخل مع الإمام في الصلاة الحاضرة لقول النبي: ((إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة)) خرجه الإمام مسلم في صحيحه ... "
من ضمن أسئلة موجهة إلى الشيخ عبد العزيز بن باز، طبعها الأخ / محمد الشايع في كتاب - مجموع فتاوى و مقالات متنوعة الجزء الحادي عشر
وقال أيضاً: "السنة لمن دخل والإمام يصلي في الفريضة، أو في التراويح، أو في صلاة الكسوف، أن يدخل مع الإمام مباشرة، ولا يصلي تحية المسجد، لأن الصلاة القائمة تكفي عنها. ولا أعلم خلافاً في هذا بين أهل العلم. والله ولي التوفيق".
(من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته من (المجلة العربية) - مجموع فتاوى و مقالات متنوعة الجزء الحادي عشر)
المسألة الثالثة:
وقوف المسبوق خلف الصف إذا لم يجد فرجة:
أذا دخل المسبوق الى المسجد ولم يجد فرجة في الصف، فهل يسحب أحداً من الصف الذي أمامه حتى يصف معه؟ أم يصلي جوار الإمام؟ أم ينتظر حتى يأتي مسبوق آخر فيقف معه؟ أم يصلي وحده خلف الصف؟
هذه المسألة أختلف فيها أهل العلم علي أقوال عدة:
"المشهور أن صلاة الرجل فذًّا خلف الصف -أو خلف الإمام- لا تصح -مطلقاً- إن صلى ركعة فأكثر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لفرد خلف الصف». رواه الإمام أحمد وابن ماجه (وصححه الالباني). وفي حديث آخر أنه صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي خلف الصف فأمره أن يعيد الصلاة. رواه الإمام أحمد، والترمذي، وحسنه، وابن ماجه، وفي إسناده اختلاف (صححه الألباني صحيح سنن أبي داود برقم 633). إلا أن يكون الفذ امرأة منفردة وحدها، فتصح صلاتها؛ لحديث أنس: أنّ جدَّته مُلَيْكَة دعت النبي صلى الله عليه وسلم لطعام صنعته، فأكل، ثم قال: «قوموا لأصلي لكم». فقمت إلى حصير قد اسودّ من طول ما لبس، فنضحته بماء. فقام عليه صلى الله عليه وسلم وقمت أنا واليتيم وراءه، وقامت العجوز من ورائنا، فصلى لنا ركعتين، ثم انصرف). صحيح -رواه الجماعة إلا ابن ماجه".
وهذا قول جمع من أهل العلم منهم: الإمام أحمد واللجنة الدائمة والشيخ إبن باز والفوزان ... وغيرهم.
والقول الثاني:
فقد "استدل المحققون بهذا الحديث -السابق- على أن الرجل المعذور الذي -أجتهد و- لم يجد له محلا في الصف يقف فيه، .... فأن صلاته فذاً صحيحة، للحاجة؛ لأنه اتقى اللَّه ما استطاع ... ، وهو الصواب إن شاء اللَّه".
وهو اختيار الجمهور: ومنهم الأئمة الثلاثة مالك وأبو حنيفة والشافعي، وشيخ الإسلام ابن تيميه والشيخ السعدي والألباني والعثيمين وعبد الله بن عقيل، وهو القول الراجح، لجمعِهِ بين الأدلة كلها، وعملاً بقاعدة الواجبات تسقط بالعذر والعجز عنها. (ذكرها الشيخ العثيمين) ولقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا امرتكم يأمر فأتوا منه ما استطعتم) رواه البخاري.
وأما "إن ركع الرجل فَذاً؛ لعذر -بأن خشي فوات الركعة- ثم دخل في الصف قبل سجود الإمام، أو وقف معه آخَرُ قبل سجود الإمام، صحت صلاته قولا واحدا؛ لقصة أبي بكرة حين ركع دون الصف، ثم مشى حتى دخل الصف. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «زادك اللَّه حرصا، ولا تَعُد». رواه البخاري.
وفي قوله صلى الله عليه وسلم: «ولا تَعُد» دليل على أن هذا الفعل لا ينبغي؛ لأنه ينافي السكينة المأمور" بها. (بتصرف وإختصار من فتوى للشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل).
خلاصة المسالة:
1 - ينبغي أن يتعاون المصلون مع المسبوق لإفساح فرجة له، لما ورد في حديث: (أقيموا الصفوف وحاذوا بين المناكب وسدوا الخلل ولينوا بأيدي إخوانكم ... ) صحيح - رواه أحمد وأبو داود وعند النسائي، وهو في صحيح الترغيب والترهيب.
قال أبو داود: "ومعنى ولينوا بأيدي إخوانكم، إذا جاء رجل إلى الصف فذهب يدخل فيه فينبغي أن يلين له كل رجل منكبيه حتى يدخل في الصف".
¥