تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أحدهما:- أن العاطس إذا حمد الله فسمعه بعض الحاضرين دون بعض، هل يسن لمن لم يسمعه تشميته؟ فيه قولان، والأظهر أنه يشمته إذا تحقق أنه يحمد الله , وليس المقصود سماع المشمت للحمد , وإنما المقصود نفس حمده، فمتى تحقق ترتب عليه التشميت، كما لو كان المشمت أخرس، ورأى حركة شفتيه بالحمد, والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: فإن حمد الله فشمتوه، وهذا هو الصواب.

والثانيه:- إذا ترك الحمد، فهل يستحب لمن حضره أن يذكره الحمد؟

قال ابن العربي: لايذكره، قال وهذا جهل من فاعله.

وقال النووي: أخطأ من زعم ذلك، بل يذكره، وهو مروي عن إبراهيم النخعي، قال: وهو من باب النصيحة والأمر بالمعروف والتعاون على البر والتقوى، وظاهر السنة يقوي قول ابن العربي , لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يشمت الذي عطس ,ولم يحمد الله، ولم يذكره وهذا تعزيز له , وحرمان لبركة الدعاء لما حرم نفسه بركة الحمد فنسى الله فصرف قلوب المؤمنين , وألسنتهم عن تشميته , والدعاء له , ولو كان تذكيره سنة لكان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أولى بفعلها , وتعليمها , والإعانة عليها)

ويقول العلامة العثيمين ـ رحمه الله ـ: (وعلى هذا إذا عطس إنسان ـ ولم يحمد الله فلا تقل له: يرحمك الله، ولكن هل نذكره فنقول له قل: ((الحمد لله))؟ لا، لأن هذا االحديث يدل على أنك لاتذكره، فلم يقل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الحديث: (إذا عطس ولم يحمد الله فذكروه، بل قال لاتشمتوه، فنحن لانقول: احمد الله، ولكن فيما بعد علينا أن نخبره أن الإنسان إذا عطس عليه أن يقول: ((الحمد لله)) ويكون ذلك من باب التعليم، ولابد أن يكون حمد العاطس مسموعاً) شرح رياض الصالحين: (2/ 1163).

فوائد التشميت:

قال ابن دقيق العيد ـ رحمه الله ـ: (ومن فوائد التشميت تحصيل المودة والتأليف بين المسلمين، وتأديب العاطس بكسر النفس عن الكبر، والحمل على التواضع، لما في ذكر الرحمة من الإشعار بالذنب الذي لايعرف عنه أكثر المكلفين) (1)

قال ابن أبي جمرة ـ رحمه الله ـ: (وفي الحديث دليل على عظيم نعمة الله على العاطس , يؤخذ ذلك مما رتب عليه من الخير , وفيه إشارة إلى عظيم فضل الله على عبده , فإنه أذهب عنه الضرر بنعمة العطاس , ثم شرع له الحمد الذي يثاب عليه , ثم الدعاء بالخير بعد الدعاء بالخير , وشرع هذه النعم المتواليات في زمن يسير فضلاً منه وإحساناً , وفي هذا لمن رآه بقلب له بصيرة زيادة قوة في إيمانه حتى يحصل له من ذلك ما لايحصل بعبادة أيام عديدة ,ويداخله من حب الله الذي أنعم عليه بذلك مالم يكن في باله , ومن حب الرسول الذي جاءت معرفة هذا الخير على يده , والعلم الذي جاءت به سنته مالا يقدر قدره.

قال: وفي زيادة ذرة من نور من هذا مايفوق الكثير مماعداه من الأعمال , ولله الحمد كثيراً) أ. هـ من (الفتح 10/ 610).

وقال شيخنا العلامة عبد الرزاق العباد -حفظه الله – (فقه الأدعية الأذكار:295):

(فانظرـ أخي المسلم رعاك الله ـ إلى هذا الجمال والكمال الذي دعت إليه الشريعةُ عند العُطاس؛ حمدٌ وثناءٌ, وتراحمٌ ودعاءٌ، العاطسُ يحمَد اللهَ، ومَن يسمعه يدعو له بالرحمة، ثم هو يُبادل الدعاءَ بالدعاء، فيدعو لِمَن شَمَّته بالهداية, وصلاح الحال، فما أقواها من لُحمة، وما أجمله من ترابط ووصال).

ـ عطا س آدم , وتشميت المولى ـ عز وجل ـ له ـ

عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ: أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: ((لما نفخ الله في آدم الروح فبلغ الروح رأسه عطس، فقال: الحمد لله رب العالمين، فقال له تبارك وتعالى يرحمك الله)) رواه ابن حبان (1)

فصارت تلك سنة العاطس. فمن لم يحمد الله لم يستحق هذه الدعوة. وفي هذا الحديث دليل على أن أول نفس خرج من أبينا آدم العطاس، وأول كلمة جرت على لسانه الشريف حمد الله جل شأنه).

قال ابن القيم: (مفتاح دار السعادة:618): (ولما سبقت هذه الكلمة لآدم- عليه السلام- قبل أن يصيبه ما أصابه كان مآله إلى الرحمة، وكان ما جرى عارضاً وزال، فإن الرحمة سبقت العقوبة وغلبت الغضب). انتهى ملخصا والله أعلم.

ـ الكافر إذا عطس ـ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير