تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عن أبي موسى الأشعري ـ رضي الله عنه ـ قال: (كان اليهود يتعاطسون عند النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يرجون أن يقول لهم: يرحمكم الله فيقول: يهديكم الله ويصلح بالكم) رواه أبو داود والترمذي (1)

فحرص اليهود على أن يدعو لهم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالرحمة, وهذا من علمهم بنبوته ,وصدق رسالته ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولكن: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً} النمل:14، قد كانوا يتكلفون العطاس، فلم يزد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على أن قال لهم: (يهديكم الله ويصلح بالكم، فدعا لهم بالهداية،والصلاح وامتنع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن قوله لهم: يرحمكم الله) لأن الدعاء بالرحمة خاص بالمؤمنين.

قال الإمام الصنعاني ـ رحمه الله ـ (سبل السلام:4/ 446): ففيه دليل على أنه يقال لهم ذلك ـ يهديكم الله ويصلح بالكم ـ, ولكن إن حمد الله)

(قال العاقولي: هذا من خبث اليهود حتى في طلب الرحمة أرادوا حصولها لا عن انقياد. آهـ

وهذا دليل على أنهم يعرفون صدقه ولكنهم يكابرون، كما قال تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} الأعراف:157. (2)

(1) أخرجه أبو داود في الأدب باب كيف يشمت الذمي؟ (حديث 5038) والترمذي في الأدب باب ما جاء في كيف تشميت العاطس (حديث 2739) وصححه الألباني

(2) من حاشية الأذكار ص:234.

قال الشعبي ـ رحمه الله ـ: إذا عطس اليهودي فحمد الله، فقل: يهديك الله، وقال: إذا شمتك المشرك، فقل: هداك الله (1).

والدعاء منه ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالهداية للكفار وارد في غير هذا الموطن، فقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (اللهم اهد أحد العمرين) , وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (اللهم أهد قومي فإنهم لايعلمون) , وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (اللهم أهد دوساً وأت بهم مسلمين) , وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (اللهم أهد أم أبي هريرة). قال ابن حجر ـ رحمه الله ـ (الفتح 10/ 604): ((فحديث أبي موسى دال على أنهم يدخلون في مطلق الأمر بالتشميت، لكن لهم تشميت مخصوص وهو الدعاء لهم بالهداية ,وإصلاح البال ,وهوالشأن, ولامانع من ذلك بخلاف تشميت المسلمين , فإن هم أهل الدعاء بالرحمة بخلاف الكفار))

(1) شرح السنة (6/ 369)

العطاس عند أهل الجاهلية

قال الإمام ابن القيم في مفتاح دار السعادة (617 - 618): (ومماكان الجاهلية يتطيرون به ويتشاءمون منه العطاس كما يتشاءمون بالبوارح والسوانح.

قال رؤبة بن العجاج يصف فلاة:

قطعتها ولا أهاب العطاسا

وقال امرؤ القيس:

وقد اغتدى قبل العطاس بهيكل ... شديد مشيد الجنب فعم المنطق

أراد أنه كان ينتبه للصيد قبل أن ينتبه الناس من نومهم ليلا, يسمع عطاسًا فيتشاءم بعطاسه ,وكانوا إذا عطس من يحبونه قالوا له: عمرا وشبابا ,وإذا عطس من يبغضونه قالوا له: وريا وقحابا , والورى: كالرمي داء يصيب الكبد فيفسدها , والقحاب: كالسعال وزنا ومعنى, فكان الرجل إذا سمع عطاسا يتشاءم به يقول: بكلابي إني أسال الله أن يجعل شؤم عطاسك بك لابي ,وكان تشاؤمهم بالعطسة الشديدة أشد كما حكي عن بعض الملوك أن سامرا له عطس عطسة شديدة راعته فغضب الملك فقال سميره: والله ما تعمدت ذلك ,ولكن هذا عطاسي فقال:والله لئن لم تأتني بمن يشهد لك بذلك لأقتلنك, فقال:أخرجني إلى الناس لعلى أجد من يشهد لي, فأخرجه وقد وكل به الأعوان, فوجد رجلا فقال:يا سيدي نشدتك بالله إن كنت سمعت عطاسي يوما فلعلك تشهد لي به عند الملك, فقال: نعم أنا أشهد لك فنهض معه , وقال: يا أيها الملك أنا أشهد أن هذا الرجل عطس يوما فطار ضرس من أضراسه, فقال له الملك:عد إلى حديثك ومجلسك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير