تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما كتاب بداية المجتهد فما زال الناس يستفيدون منه، فلا إشكال.

ـ[أبو حاتم يوسف حميتو المالكي]ــــــــ[20 - 04 - 10, 11:21 م]ـ

هذا تطور جيد في النقاش.

وقد كنت فهمت أولا - ولعل ذلك من سوء فهمي - أنكم تنكرون ما وقع فيه من ضلالات مطلقا.

أما إن كنتم تقرون أن الرجل فيلسوف، وافق الفلاسفة في كثير من ضلالاتهم، فلا يضرني بعد ذلك مسألة الحكم الشخصي على الرجل، لأنني أكون واثقا - بعد حصول الاتفاق على ما سبق - أن كتبه الفلسفية لن تغر أحدا من العوام.

أما كتاب بداية المجتهد فما زال الناس يستفيدون منه، فلا إشكال.

أحسن الله إليك أخي الحبيب الكريم عصام البشير، وصدق من قال: نفس عصام ...

أخي الحبيب، لعل النقاش فعلا كان في حاجة إلى من يوجهه، ولسنا ـ أنا وأخي الحبيب أبو يوسف ـ نشك في نيات الإخوةهنا ولا نتهمهم، فلا ينكر مسلم عاقل أن ابن رشد نشر فلسفة أرسطو، وهي ما هي من الضلالات والكفريات، ولكن هل يواجه التكفير والتفسيق والتبديع والرجل هو من هو في قدره وقد شهد له القاصي قبل الداني.

المشكلة أخي الحبيب، أن كثيرا من الإخوة يتجرأون جرأة بعيدة ويشطن بهم القول إلى أبعد مما يمكن تصوره، وأظن أن مشكلة أخرى هي سبب هذه الحدة في القول والرد عليه والرد على الرد، ألا وهي موقف البعض من المالكية عموما، ولعلك تعرف سبب ذلك، نظرا لربطه بين المالكية والأشعرية وجعلهما صنوين لا ينفصلان، ومن ثم فمن غير شعور يحمل أحدهم على المالكي وفي تصوره أنه أشعري، و لا يغرب عن تصورك ما في هذا من التجني والجناية، ولك أن تزيد أخرى، وهي مسألة التأويلات، أي تأويل المواقف والأقوال والأفعال بما قد يكون صوابا في بعضه وبعدا في بعضه الآخرـ وما هذا الموضوع سبب النقاش منك ببعيد ـ.

إن البعض يزن الناس بميزان واحد، فها أنت تجدهم يضعون ابن رشد والفارابي وابن سينا والكندي في كفة واحد، والحال أنه لا صلة بينه وبين هؤلاء إلا تلك الفلسفة المقيتة التي شغل نفسه بها، فالرجل كان مؤديا لفرائضه ما علمت عنه زلة ولا خصلة من خصال الفساق والزنادقة، بينما الباقون تعرف أنت حالهم.

ابن رشد أخطأ، نعم أخطأ كما سائر الناس يخطئون، ابن رشد أدخل على المسلمين ما لا ينبغي أن يشغلوا به، نعم فعل ذلك، وهذا حسابه عند ربه.

أنا لا أجرؤ على أن أخطئ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مسألة، وأنا في داخلي لا يستقيم لي معنى ما قاله في مسألة فقهية أو أصولية أو حتى عقدية ـ ومن ذا يسلم ـ لكن أتراني إن فعلت ماذا يكون؟ ألن يقوم علي من يبدعني ويفسقني ويذهب ابعد من ذلك، وهو يرى أني أخطئ شيخ الإسلام، ولا بد تجدهم يقولون: من أنت ايها النكرة حتى تعقب على شيخ الإسلام؟ ومن أنت حتى يكون عندك عند؟ ومن ومن ومن؟ واللائحة طويلة، وإذا أردت أن أجرب أفعل.

وأرجو ألا يسبق إلى ذهن البعض أني حين أرى خطأ ابن تيمية في بعض أقواله أو آرائه أو اختياراته أني أنقص من قدره، وحقي أن أقبل وأرد، وهو ليس بالمعصوم ابدا رحمه الله، لكن الطامة أخي أن البعض جعله سيفا يضرب ورمحا يطعن وسهما يرمى وترسا يتقى به، وما يعلم المسكين أنه أزرى بابن تيمية حين يلقي به في كل نازلة، صحيح أنه رحمه الله لم يدع فنا إلا له فيه قول، ولكني أستغرب جدا كيف لا يقول أحد: وقد أخطأ ابن تيمية في كيت وكيت من المسائل، ولربما وقر في نفسه أنه فعلا مخطئ، في أحسن الأحوال تجده ينقل قوله ويمر عليه مرورا، ولا يملك أن يحاول مجرد التأويل مخافة أن يثير حفيظة البعض.

ابن تيمية سلف صالح، ولربما تدارك الله به الفئام من الناس في زمنه وبعد زمنه ـ وقد أكوناحدا منهم ـ ولكني أنا أتبع مذهب مالك رحمه الله أصولا وفروعا وعقيدة، ويحز في نفسي ـ وليس تعصبا ـ أن معظم سهام القوم في نحر المالكية، ولعلك تذكر موضوعي: ما شأن البعض وأصحاب مالك؟، صحيح فرق بين السياقين، ولكن هذه من تلك.

ما يدفع البعض أن يتحرى قذى المالكية ثم يقع عليه؟، وفي كل مذهب رجال وقع منهم ما وقع من مثل ابن رشد دانها أو فاقه، أو وقع منهم خلافه ولكن على غير منهج سليم، وكما قلت سابقا لعل خاتمة الرجل نسخت بدايته، ولا يستقيم لأبي قتادة أن يسأل ما دليل توبته؟ كما ذهب هو نفسه في موضوع رجوع الغزالي أو الجويني، فهل من شرط التوبة أن يكتب الإنسان أنه تاب عن جميع ما كتبه، وإذا أردنا أن نسير في سير التأويلات نقول لعل الرجل تاب وعاجلته المنية، فليثبت لي العكس إذن.

إن الحق أحق أن يتبع صدقا وعدلا، وأعلنها صراحة: ما نقول كمالكية أبدا بمقالات ابن رشد، ولكن نأبى على كل من هب ودب أن يتصيد عثرات أعلامنا، وينتقص منهم، وحبذا لو أقبل على نفسه واستكمل فضائلها قبل أن يثلب الناس ويثلم أعراضهم، فلا أرجو له أن يكون ممن يشتهي الثلب أبدا وأربأ به عن ذلك أداء لحق الأخوة وحسن الظن.

واستغفر الله من حدة غير مقصودة، وأحل كل من اشتد علي أمام الله وأرجو منه أن يكون لي عنده مثل ذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير