تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد يجيب الحنابلة عن استدلال الجمهور بأن العموم الوارد في الآية مخصوص بالقياس المنصوص على علته، والقاعدة في الأصول-على الصحيح-: [يجب تخصيص العموم بالقياس إذا نص علته]،

(العموم في وقوله: ژ ھ ھ ژ وقوله: ژ ? ژ: فضمير الجمع (هن)، يعود إلى عامٍ وهو لفظ (النساء) والقاعدة في الأصول -على الصحيح-: [أن ضمير الجمع يفيد العموم إذا عاد إلى عام]، فتخصص المستحاضة بالقياس على الحائض لاشتراكهما في العلة)،

ويشكل على هذا أن العام الذي يعود إليه ضمير الجمع جميعُ أفراده مرادةٌ عند الحنابلة، والقول باستغراقه لجميع أفراده في صورة، و تخصيصه في صورة، حمل للفظ الواحد على حقيقته ومجازه، والقاعدة في الأصول -على الصحيح-: [لا يجوز حمل اللفظ على حقيقته ومجازه في آنٍ واحد].

واستدل الحنابلة أيضا بما أخرجه البيهقي في السنن عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (المستحاضة لا يغشاها زوجها).

وجه الاستدلال بالأثر:

أن قولها: (لا يغشاها) خبر بمعنى الإنشاء أي النهي، والقاعدة في الأصول-على الصحيح-: [أن النهي المطلق للتحريم]، والقاعدة في الأصول-عند جماعة-: [أن قول الصحابي حجة في إثبات الأحكام].

وأجيب:

أ-بأن القاعدة في الأصول-على الصحيح-: [أن قول الصحابي ليس بحجة في إثبات الأحكام].

ب- أن قول الصحابي هنا معارض للكتاب، والقاعدة في الأصول-عند من يقول بحجية قول الصحابي-: [أن الكتاب مقدم على قول الصحابي عند التعارض].

ج-أن قول الصحابي هنا معارض بقول صحابي آخر، فقد أخرج عبد الرزاق في المصنف والدارمي في السنن عن ابن عباس أنه يجوز وطأ المستحاضة، والقاعدة في الأصول-عند من يقول بحجية قول الصحابي-: [أن قول الصحابي إذا عارضه قول صحابي آخر سقط الاستدلال به].

ونوقش هذا الجواب: بأن الأثر الوارد عن ابن عباس لا يثبت عنه في إسناد رواية عبد الرزاق الأجلح الكندي، وفي إسناد رواية الدارمي خصيف الجزري، وكلاهما سيء الحفظ، والقاعدة في الأصول: [أن سوء حفظ الراوي يقتضي رد روايته]، والقاعدة في الأصول: [أن التعارض فرع الثبوت].

واستدل الجمهور أيضا بما أخرج أبو داود في سننه عن عكرمة عن حمنة بنت جحش أنها كانت مستحاضة وكان زوجها يجامعها، وبما أخرجه أيضا عن عكرمة قال: (كانت أم حبيبة تستحاض فكان زوجها يغشاها).

وجه الاستدلال بالخبرين:

أن هذا فعل من الصحابي في زمان النبي صلى الله عليه وسلم، (والدليل على كونه واقعا في زمانه صلى الله عليه وسلم ما ورد من الأحاديث الدالة على وقوع لاستحاضة منهما في ذلك الزمان)، والقاعدة في الأصول-عند جماعة-: [أن وقوع الفعل من الصحابي في زمان النبي صلى الله عليه وسلم يدل على الجواز].

وأجيب عنهما من جهتين:

الجهة الأولى: الثبوت:

أُعل الخبران بالانقطاع حيث أنه لم يثبت سماع عكرمة بن عمار من حمنة وأم حبيبة رضي الله عنهما، قال المنذري رحمه الله في مختصر السنن (1/ 195): "وفي سماع عكرمة من أم حبيبة وحمنة نظر، وليس فيه ما يدل على سماعه منهما "، وبناء على ذلك فهما منقطعان، والقاعدة في الأصول: [أن الانقطاع في الخبر يقتضي رده].

ونوقش هذا الجواب:

بأن عكرمة بن عمار قد عاصر حمنة وأم حبيبة رضي الله عنهما، واللقاء بينهما ممكن، وليس ممن عرف بالتدليس، فتكون روايته عنهما محمولة على السماع.

الجهة الثانية: الدلالة:

ليس في الخبرين ما يدل على وقوع الفعل -أي وطء المستحاضة- في زمانه صلى الله عليه وسلم، ولا يلزم من وقوع الاستحاضة في زمانه وقوع الوطء فيه، ولو سلمنا جدلا أنه واقع في زمانه صلى الله عليه وسلم فليس فيه دليل على جواز ذلك، فالقاعدة في الأصول-على الصحيح-: [أن وقوع الفعل في زمانه صلى الله عليه وسلم إذا لم يقم دليل على حصوله بمحضره أو بلوغه إليه وإقراره لا يدل على جوازه]، [انظر شرح اللمع لأبي إسحاق الشيرازي (1/ 562)، تقريب الأصول لابن جزي الكلبي (281)، مفتاح الأصول للشريف التلمساني (591)].

وبناء على ما سبق فالراجح في المسألة مذهب الجمهور.

.................................................. ........................

المسألة السابعة:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير